وجودها الذهني عمّا عداها من الماهيّات.
ولا ريب أنّ الحضور في الذهن بهذا المعنى هو الّذي اعتبر مع الماهيّة المتعيّنة الحاضرة في الذهن في وضع اللفظ الدالّ عليها ، وهو بهذا المعنى غير مأخوذ في وضع النكرة والمنكّر.
وقد يقال في دفع هذا الإشكال : بأنّه فرق ظاهر بين حصول الصفة للشيء واعتباره معه ، فقد يوضع اللفظ للمعنى سواء حصل عند العقل أو لا لكن دلالة اللفظ عليه يستلزم حصوله فيه حال الدلالة ، فليس خصوص المقيّد بالحصول هو الموضوع له ، وقد يوضع له مقيّدا بالحصول في الذهن فالحصول فيه بالفعل قيد للوضع مأخوذ فيه وليس ما عداه من موضوع اللفظ ، فالأوّل هو حال الوضع في اسم الجنس والنكرة والثاني هو الحال في علم الجنس والمعرّف بلام الجنس والعهد الذهني ، وما ذكرناه أجود.
القسم الثاني
أن يراد به الماهيّة المتعيّنة المأخوذة باعتبار تعيّنها الجنسي أو الذهني من حيث تحقّقها في جميع الأفراد ، بأن يراد من مصحوب « اللام » أصل الماهيّة ويشار باللام إلى اعتبار تعيّنها الجنسي أو الذهني ويراد اعتبار تحقّقها في جميع الأفراد من خارج اللفظ كالاستثناء في قوله تعالى : ( إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا )(١) الآية ، أو اريد ذلك من مصحوب « اللام » أيضا ويفهم بسبب الخارج من قرينة الاستثناء ونحوها.
والفرق بين الاعتبارين يظهر بالتجوّز في اللفظ على الثاني وعدمه على الأوّل ، وهو المسمّى على التقديرين بالمعرّف بلام الاستغراق.
فهاهنا امور ثلاثة : الماهيّة الّتي يدلّ عليها مصحوب « اللام » واعتبار تعيّنها الّذي يدلّ عليه « اللام » واعتبار تحقّقها الّذي يدلّ عليه القرينة الخارجة من اللفظ ومن هنا يعلم بأنّ هذه « اللام » لم ترد بها الأفراد بأن تكون إشارة إليها ، وتسميتها بلام الاستغراق لمصاحبتها الاستغراق لا لكونها مستعملة فيه ، وبذلك حصل الفرق بين استغراق المفرد المعرّف باللام واستغراق جمعه ، فإنّ الاستغراق في الثاني كما تقدّم بيانه مشروحا مدلول « اللام » لكونها فيه إشارة إلى الأفراد ولذا يكفي في الحمل على الجميع انتفاء العهد ، لأنّ « اللام » لكونها
__________________
(١) العصر : ٢.