في الخارج ولا يتّصف بها الشيء باعتبار الخارج ، فلا يقال : « زيد جنس » على معنى أنّه كلّي مقول على الكثرة المختلفة الحقائق ، ولا أنّه نوع على معنى أنّه كلّي مقول على الكثرة المتّفقة الحقيقة لكونه كذبا صرفا ، حتّى أنّه في حمل الحيوان أو الإنسان عليه بقولنا : « زيد حيوان » أو « زيد إنسان » لو اخذت الماهيّة الحيوانيّة أو الماهيّة الإنسانيّة بوصف الجنسيّة أو النوعيّة ثمّ حملت على « زيد » لم يصحّ لأجل ذلك.
ثمّ إنّ هاهنا كلاما آخر وهو أنّه قد يقال : بأنّ المعتبر من التعيّن المأخوذ مع الماهيّة في المعرّف بلام الجنس وعلمه إنّما هو التعيّن الجنسي لا التعيّن الذهني ، والمراد بالأوّل أن تكون الماهيّة المتعيّنة باعتبار أنّها هذا الجنس ممتازة عمّا عداه من الأجناس. وبالثاني أن تكون باعتبار وجودها في الذهن ممتازة عمّا عداها من الأجناس.
وهذا خلاف ما يظهر من الأكثر من أنّ المعتبر فيهما التعيّن الذهني حيث صرّحوا بأنّ « أسدا » يدلّ على الماهيّة الحاضرة في الذهن لكن لا باعتبار حضورها وتميّزها فيه ولفظ « الأسد » و « اسامة » يدلاّن عليها باعتبار حضورها وتميّزها فيه ، ولكلّ وجه.
وحاصل الفرق بينهما : أنّ التعيّن الجنسي ما يثبته العقل للماهيّة وإن قطع النظر عن وجودها في الذهن ، والتعيّن الذهني ما لا يثبته إلاّ بملاحظة وجودها فيه والمسألة علميّة.
ومن ثمرات هذا الفرق : أنّه لا يرد على التعيّن الجنسي ما قد يورد على التعيّن الذهني ، وهو أنّه إذا كان كلّ من علم الجنس والمعرّف بلامه عبارة عن الماهيّة الحاضرة في الذهن باعتبار حضورها وتميّزها فيه كما يقولون لكان معنى : « أكرم الرجل » : أكرم الماهيّة الحاضرة في الذهن باعتبار حضورها فيه ، ولكان معنى « رأيت اسامة » : رأيت الماهيّة الحاضرة في الذهن باعتبار حضورها فيه ، وظاهر أنّ الماهيّة باعتبار حضورها في الذهن ممّا لا يصلح لتعلّق الإكرام والرؤية بها بل هما إنّما يتعلّقان بها باعتبار الخارج ، وكذلك المجيء في قولنا : « جاءني الرجل لا المرأة » وعلى قياسه سائر الموارد.
فإنّ هذا الإشكال لا يتوجّه إلاّ إلى إرادة التعيّن الذهني ، وإن كان واضح الدفع على تقديرها بكونها مغالطة مبنيّة على الخلط بين لحاظ الوضع والحمل الّذي هو لحاظ الإسناد الّذي هو عبارة عن الحكم على الماهيّة بشيء أو الحكم بها على شيء ، ولحاظ تعلّق المسند إليها باعتبار وقوعه عليها كالإكرام و « الرؤية » أو صدوره عنها ، والماهيّة المأخوذة باعتبار حضورها في الذهن لا تصلح لأن يتعلّق بها « الإكرام » و « الرؤية » و « المجيء » بهذا