القسم الأوّل
أن يراد به الماهيّة المتعيّنة المأخوذة باعتبار تعيّنها من حيث هي ، بأن يراد أصل الماهيّة المتعيّنة من مصحوب « اللام » ويشار باللام إلى اعتبار تعيّنها ويقال له : تعريف الجنس ، وقد يقال : تعريف الحقيقة ، ولأجل ذا يعدّ المعرّف باللام من المعارف ، نظرا إلى أنّ المعرفه عبارة عمّا يدلّ على شيء معيّن باعتبار كونه معيّنا سواء كان شخصا معيّنا أو جنسا معيّنا كما فيما نحن فيه ، وبذلك يحصل الفرق بين اسم الجنس الخالي عن « اللام » والمعرّف بلام الجنس فإنّهما يتشاركان في الدلالة على الماهيّة المتعيّنة نظرا إلى أنّ الماهيّة في نفسها أمر متعيّن لامتيازها عمّا عداها من الماهيّات وهو المراد من تعيّنها ، إلاّ أنّ الثاني يدلّ عليها باعتبار تعيّنها ولامه إشارة إلى أخذها باعتبار التعيّن والأوّل يدلّ عليها لا بهذا الاعتبار لخلوّه عمّا يكون إشارة إلى أخذها باعتبار تعيّنها.
فحاصل الفرق يرجع إلى اعتبار التعيّن وعدم اعتباره لا إلى أصل التعيّن وعدمه.
نعم المعرّف بلام [ الجنس ] يوافق علم الجنس في الدلالة على اعتبار الماهيّة كـ « الأسد » و « اسامة » فإنّهما يتشاركان في الدلالة على الماهيّة المتعيّنة المأخوذة باعتبار التعيّن ولذا يعدّ علم الجنس أيضا من المعارف ويجري عليه أحكامها ، ومن هنا يصحّ أن يقال : « رأيت اسامة مقبلة » على الحاليّة ولا يقال : « رأيت أسدا مقبلا » ويتفارقان في أنّ الثاني يدلّ على اعتبار التعيّن بنفس اللفظ لدخوله في وضعه والأوّل يدلّ عليه بواسطة « اللام » وهذا هو معنى ما يقال في الفرق بينهما : أنّ علم الجنس يدلّ على اعتبار التعيّن مع الماهيّة بجوهره والمعرّف بلام الجنس يدلّ عليه بالأداة.
ثمّ إنّ بالبيان المتقدّم يظهر أنّ تعريف الحقيقة من المعرّف بلام الجنس يعتبر فيه أخذ الماهيّة المأخوذة باعتبار التعيّن من حيث هي ولا بشرط تحقّقها في الفرد مطلقا ، سواء أمكن تحقّقها فيه ولكنّه لم يعتبر في لحاظ الحكم عليها بشيء كما في قولنا : « الرجل خير من المرأة » و « الإنسان حيوان ناطق » ونحوه من المعرّفات نظرا إلى أنّ التعريف إنّما يكون للماهيّة ، أو لم يمكن باعتبار لحاظ الحكم لا بالذات كما في قولنا : « الحيوان جنس » و « الإنسان نوع » نظرا إلى أنّ الجنسيّة والنوعيّة من المعقولات الثانية وهي ما يكون الذهن شرطا في عروضها والاتّصاف بها على معنى أنّها لا تعرض الشيء إلاّ في الذهن ولا يتّصف بها الشيء إلاّ في الذهن ، فلا تعرض الشيء باعتبار الخارج الّذي هو الفرد الموجود