تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى )(١) و « ما شأنك » وقد سمعت التصريح من الشيخ بكونهما للعموم وصرّح به غيره أيضا ، ولعلّه مذهب الأكثر من أهل القول بأنّ للعموم صيغة تخصّه ، بل عن الفخري ما تقدّم فيهما أيضا من عدّهما ممّا يعلم كونه من صيغ العموم بالضرورة.
ويمكن المناقشة هنا أيضا بأنّ عموم الاستفهاميّتين ليس من العموم المبحوث عنه في صيغ العموم وهو العموم الشمولي ، على معنى شمول الحكم لجميع جزئيّات موضوعه على أن يكون كلّ جزئيّ مستقلاّ في موضوعيّته للحكم ، والعموم هنا بدليّ لأنّ الاستفهام عن تعيين المسند إليه سؤال عن التعيين ولا يتأتّى إلاّ في محلّ الترديد عند المتكلّم ، فكأنّه في قوله : « من عندك » يقول : « أزيد عندك أم عمرو أم بكر؟ » إلى غير ذلك ممّا يحتمل في نظره دخوله في الأمر المردّد المسؤول عن تعيينه والترديد آية بدليّة العموم ، ولا ينافيه صحّة وقوع العامّ في الجواب كما لو قيل : « العلماء » أو « كلّ القوم » أو « كلّ أحد » أو « كلّ من تريد » لأنّه من جهة كونه من مصاديق الأمر المردّد ، ولذا يصحّ وقوع الخاصّ أيضا في الجواب كما لو قال : « زيد » أو « عمرو » أو « بكر » مثلا.
ويمكن الذبّ عنه : بأنّ ما ذكر في معنى : « من عندك؟ » أو « من في الدار؟ » أو غيره من النظائر وسمّي بالعموم البدلي احتمال ترديديّ في نظر المتكلّم ناش عن جهله بتعيين المسند إليه في لحاظ إسناد « الحصول » عند المخاطب أو « في الدار » إليه الّذي اعتبره في نفسه ، فإنّه في لحاظ إسناد « الحصول » إلى من يصلح له في نفسه جاهل بعين الحاصل محتمل في نفسه لكونه جميع القوم أو خصوص « زيد » أو « عمرو » أو « بكر » أو غيره من المصاديق المحتملة المردّد فيها في نظره ، وهذا الاحتمال الترديدي الّذي سمّوه بالعموم البدلي ليس بمدلول لفظ الاستفهام بل هو حالة في المتكلّم قائمة بنفسه ناشئة عن جهله بتعيين الحاصل عند المخاطب أو في الدار باعثة على إيجاده لمعنى اللفظ ، فإنّ الاستفهام بأيّ أداة حصل من قبيل الإنشاء وهو عبارة [ عن ] إنشاء طلب تعيين الحاصل من المخاطب على تقدير حصوله الّذي قد يكون معلوما لديه وقد يكون مجهولا أيضا ليحصل له العلم بعينه ، ولأجل كون حصول ذلك العلم غاية لطلبه التعيين من المخاطب يفسّر الاستفهام بطلب الفهم بمعنى العلم ، وهذا المعنى الإنشائي المأخوذ في وضع « من » و « ما » شامل لجميع المصاديق المحتملة في نظره شمولا واحدا ، وهو مراد القوم بالعموم المدّعى
__________________
(١) طه : ١٧.