تقدير اختصاص الوجوب به ، وهو خلاف الفرض وإلاّ انقلب الواجب التخييري واجبا تعيينيّا وهو باطل.
وقد يتوهّم ـ كما عن الشيخ في العدّة ـ كون المثاب عليه المعاقب عليه [ و ] متعيّنا حينئذ في الواقع في علمه تعالى غير معيّن عندنا فيكون الواجب المبرئ للذمّة أيضا كذلك ، لأنّ ما يعلمه الله تعالى أنّه واجب لا يتغيّر عن كونه واجبا إذا فعله مع غيره فيثيبه عليه ثواب الواجب واستحقّ العقاب بترك ذلك.
وهذا كما ترى كلام لا يجري في المقام بل هو يتمشّى في الواجب المعيّن عند اشتباهه بغيره ، فيأتي المكلّف بهما معا تحصيلا للامتثال بما هو معيّن عليه في الواقع ، والواجب في المقام لا تعيّن فيه في الظاهر والواقع معا.
ويظهر من العلاّمة في التهذيب ـ كالمحكيّ عنه في النهاية ـ أنّ الامتثال يستند إلى كلّ واحد ، حيث قال ـ في ردّ استدلال من يرى الواجب معيّنا عند الله ـ : بأنّ المكلّف إذا فعل الجميع فإن سقط الفرض به كان الجميع واجبا ، وإن سقط بواحد لا بعينه كان المعيّن مستندا إلى المطلق. وهذا خلف ، وإن سقط بكلّ واحد لزم اجتماع العلل على معلول واحد ، فتعيّن المعيّن بأنّ هذه معرّفات.
ولا يخفى أنّه اختيار للشقّ الأخير ودفع للمحذور بأنّ هذه الامور ليست بعلل حقيقيّة بل هي معرّفات ولا يمتنع اجتماعها على أثر واحد ، ولكن كلامه مطلق بالنسبة إلى القصد وعدمه في واحد أو في كلّ واحد.
ويمكن توجيه كلامه على وجه لا ينافي ما ذكرناه ، وهو أن يقال : إنّ المراد باستناد الامتثال إلى كلّ واحد استناده على سبيل البدليّة لا على سبيل الاستقلال كأصل الوجوب ، فكما أنّه في تعلّقه بكلّ واحد حاصل على سبيل البدليّة فكذلك الامتثال فإنّه حاصل على سبيل البدليّة ، لأنّ استناده إلى واحد ليس بأولى من استناده إلى صاحبه حيث إنّ الجميع متّصف بالوجوب على سبيل التخيير.
ويؤيّده ما حكى عنه في النهاية ـ في جواب ما قرّره الخصم فيما إذا أتى بالجميع دفعة من أنّه هل يستحقّ الثواب بالجميع وأنّه هل ينوي الوجوب بالجميع؟ إلى آخره ـ من أنّه إنّما يستحقّ على فعل كلّ منها ثواب المخيّر لا المعيّن ، بمعنى أنّه يستحقّ الثواب على فعل امور كان يجوز له ترك كلّ واحد بشرط الإتيان بصاحبه لا ثواب فعل امور كان يجب عليه