عند إطلاقه دليل على كونه موضوعا له ، وقد بيّنّا أنّ المتبادر هو العموم* (١).
حجّة من ذهب إلى أنّ جميع الصيغ حقيقة في الخصوص : أنّ الخصوص متيقّن ؛ لأنّها إن كانت له فمراد ، وإن كانت للعموم فداخل في المراد ، وعلى التقديرين ، يلزم ثبوته. بخلاف العموم ، فإنّه مشكوك فيه ؛ إذ ربّما يكون للخصوص ؛ فلا يكون العموم مرادا ، ولا داخلا فيه ؛ فجعله حقيقة في الخصوص المتيقّن أولى من جعله للعموم المشكوك فيه** (٢).
_______________________________
(١) * ومرجعه إلى منع الملازمة المفيدة لانحصار المقدّم في قسمي التالي وهو في محلّه ، وحاصله وجود الواسطة بينهما وهي لوازم الوضع ومعلولاته المقرّرة في محالّها المعبّر عنها بأمارات الحقيقة والمجاز الّتي منها التبادر وعدم التبادر أو تبادر الغير.
وممّا يرد على الدليل أنّ بطلان الوضع للعموم لا ينتج الاشتراك لبقاء احتمال الوضع للخصوص ، ولو قيل بإمكان إبطاله أيضا بمثل هذا الدليل ورد عليه أيضا عدم إنتاجه الاشتراك واللازم منهما التوقّف ، مضافا إلى جواب آخر بطريق المعارضة بالمثل فإنّها لو كانت مشتركة لعلم إمّا بالعقل وهو محال إذ لا مجال للعقل بمجرّده في الوضع ، أو بالنقل والآحاد منه لا يفيد اليقين ولو كان متواترا لاستوى الكلّ فيه.
وقد يجاب أيضا بمنع عدم كفاية النقل الآحادي في إثبات الوضع وإن لم يفد اليقين ، ومنع افتضاء التواتر لاستواء الكلّ في حصول العلم من جهته لجواز اختلاف الأشخاص في الشرائط والموانع ، فمن احتوى الشرائط الّتي منها تخلية الذهن عن الشبهات وفقد الموانع الّتي منها سبق الشبهة إلى الذهن ورسوخها فيه حصل له العلم ومن لا فلا ، ولعلّه لاختلال شرط التتبّع في تحصيل التبادر لعدم أدائه حقّه.
وأمّا الجواب عن الوجه الثالث : فبأنّ حسن الاستفهام لا يتبع الاشتراك بالخصوص بل يكفي فيه مطلق الاحتمال ولو مرجوحا كما في الحقيقة والمجاز بالقياس إلى المجاز احتياطا عن الوقوع في مخالفة المراد ، فحسن الاستفهام إذا كان من توابع الاحتمال الغير المنافي للظهور ولو نوعا كان أعمّ من الاشتراك ، والأعمّ لا يدلّ على الأخصّ.
(٢) ** ومن الأعلام من وجّه الأولويّة : بأنّه لمّا كان الوضع مسلّما للخصم فلابدّ له من مرجّح فالأولى أن يقول : إنّه موضوع للمتيقّن المراد فإنّه أوفق بحكمة الوضع حيث