اللغة والعرف ليس مهملا بل موضوع ومستعمل يقال : « البليّة إذا عمّت طابت » و « البلاء عامّ » و « عمّ القحط » و « عمّ الخصب » و « عمّ الجدب » و « عمّ المطر » و « عطاؤه عامّ ».
وفي الحديث : سهم المؤلّفة والرقاب عامّ (١) أي يعمّ العارف وغير العارف والباقي خاصّ أي مخصوص بأهل المعرفة.
وفي الدعاء : « نتوب إليك من عوامّ خطايانا » (٢) وهو جمع عامّة بمعنى كافّة ويقال أيضا :« الإنسان عامّ لمصاديقه أو يعمّ أفراده » كما يقال : « العلماء أو الكلّ عامّ » ويراد الشمول للأشياء المتعدّدة الكثيرة في الجميع.
غاية الأمر أنّ كلاّ من الأخيرين شائع في عرف أهل الاستدلال وعلماء الاصول والبواقي شائعة في العرف العامّ ، ويمتاز الثلاثة في أنّ العموم بمعنى الشمول حيث يضاف إلى اللفظ كما في عرف علماء الاصول يراد به دلالته على تمام المتعدّدين من الأجزاء أو الجزئيّات ، وحيث يضاف إلى المفهوم الكلّي كما في لسان أهل الاستدلال يراد به صدقه على جميع مصاديقه أو أفراده ، وحيث يضاف الى سائر المعاني من الأعيان الخارجيّة كالمطر ، أو المفاهيم الذهنيّة كالقحط والبلاء والعطاء كما في لسان أهل العرف العامّ يراد به حصوله ووجوده في محالّه وموارده ولو باعتبار حصول الجامع المشترك بينها كما في المطر ونحوه ، لاختصاص كلّ جزء منه بمحلّ غير محلّ الجزء الآخر وإنّما الحاصل في الجميع الجامع المشترك بين الأجزاء.
ولقد تنبّه بما بيّنّاه بعضهم ـ على ما حكي عنه ـ قائلا : بأنّه إن اريد بالعموم استغراق اللفظ لمسمّياته على ما هو مصطلح أهل الاصول فهو من عوارض الألفاظ خاصّة.
وإن اريد به شمول أمر لمتعدّد عمّ الألفاظ والمعاني.
وإن أريد به شمول مفهوم لأفراد كما هو مصطلح أهل الاستدلال اختصّ بالمعاني » انتهى (٣).
ومن الأفاضل من وافقه في هذا التقسيم وذكر ما يقرب منه ثمّ قال في آخر كلامه : « فليس هناك معنى يصحّ وقوع النزاع فيه فيمكن أن يعود النزاع فيه لفظيّا كما نبّه عليه بعض الأعلام » انتهى (٤).
أقول : جعل النزاع لفظيّا كما احتمله قدسسره أبعد من أصل النزاع بناء على الأخذ بظاهره.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٩٦.
(٢) مصباح المتهجّد : ٥٢٨ ومن لا يحضره الفقيه ١ : ٥٢٣.
(٣) حكاه عن بعض الأعلام في هداية المسترشدين ٣ : ١٥٥.
(٤) هداية المسترشدين ٣ : ١٥٤.