هو واجب.
وثانيهما : ما نسب إلى الأشاعرة من أنّ الواجب أحدهما لا بعينه.
والحقّ مع الأوّلين إن أرادوا بما ذكروه ما نقرّره بعد ذلك ، فتحقيق القول فيه يستدعي النظر تارة فيما يقضي به القوّة العاقلة ويساعد عليه الوجدان.
واخرى فيما تساعد عليه العرف والظواهر الّتي تساق لإفادة الوجوب التخييري.
أمّا الجهة الاولى : فقد تقرّر في غير موضع أنّ الوجوب باعتبار إضافته إلى من ينشئه ماهيّة مركّبة عن طلب ومنع ، ومن المعلوم بضرورة الوجدان أنّ إنشاءه في كلّ موضع مسبوق بتصوّر محلّه ، فهو إمّا أن يكون أمرا واحدا أو أمرين فصاعدا ، والأوّل ممّا لا كلام فيه هنا.
وعلى الثاني فالأمران إمّا أن يكونا متشاركين في المصلحة أو لا.
والثاني خارج عن المبحث أيضا والأوّل هو محلّ البحث هنا ومحلّ للوجوب التخييري إذا كان الأمران قبل تعلّق الوجوب بهما مباحين أو مندوبين أو مختلفين ، دون ما إذا كان كلاهما أو أحدهما محرّما ، إذ لا يعقل تعلّق الوجوب بالمحرّم ولو تخييرا ، لأنّه ملزوم للمحبوبيّة والمحرّم ملزوم للمبغوضيّة ومن المستحيل انقلاب المبغوض محبوبا.
نعم ربّما يوجب حصول أحد الفردين عند امتثال الوجوب المتعلّق به وبمعادله تخييرا دخول ذلك المعادل في عنوان آخر كلّي محرّم فيحرم بهذا الاعتبار ، لا أنّه كان محرّما حيثما تعلّق به وبمعادله الوجوب ، كما في تزويج المرأة المطالبة للتزويج (١) من أحد الكفوين الخاطبين لها الواجب على الوليّ تخييرا ، فإنّ كلاّ منهما واجب تخييري ما لم يحصل أحدهما في الخارج ، وأمّا معه يصير الآخر محرّما لاندراجه في عنوان التزويج على ذات البعل ، وأمّا إذا كانا مباحين أو مندوبين أو مختلفين تعلّق بهما الوجوب تخييرا مقيّدين بقيد عدمي فكلّ منهما ما دام القيد باقيا واجب ولا إباحة فيه ولا ندب ما دام مقيّدا بذلك القيد ، وإذا ارتفع القيد عن أحدهما بحصول الآخر في الخارج رجع إلى ما كان عليه أوّلا من إباحة أو ندب.
فما في تهذيب العلاّمة من تقسيم الأمر بالشيئين على الترتيب وعلى البدل على ثلاثة أقسام كما أشار إليه بقوله : « يصحّ الأمر بالشيئين على الترتيب وعلى البدل ، أمّا مع تحريم الجمع كأكل المباح والميتة والتزويج من كفوين ، أو مع إباحته كالوضوء والتيمّم وستر
__________________
(١) وفي المصدر : « للزوج » والصواب ما أثبتناه.