عنه بمفهوم جماعة الّذي يراد من الصيغة أيضا حيث تكون الهيئة للعموم المجموعي ، فإنّ آحاد الجماعة على هذا التقدير أجزاء لمدلول المادّة وهو مفهوم الجماعة.
والفرق بين الاعتبارين أنّ جنس المفرد على الأوّل يراد من صيغة الجمع مجازا ، وجنس الجمع على الثاني يراد منها حقيقة ولو باعتبار تحقّقه في ضمن مصداق واحد بعينه على وجه إطلاق الكلّي على الفرد.
ولأجل كون « الكلّ » مضافا إلى نكرة موضوعا لاستغراق الحكم لجزئيّات موضوعه جعله علماء المنطق سورا للقضيّة في الموجبة الكليّة ، فإنّ سور الموجبة الكليّة عندهم عبارة عمّا يكون آلة لإدراك حال الحكم من حيث تسرّيه إلى جميع أفراد موضوع القضيّة وهو مدخول « الكلّ » ولذا يجعلون السور من جملة الحكم باعتبار كونه بحسب المعنى من القيود المعتبرة في جانب المحمول وإن كان بحسب اللفظ مأخوذا مع الموضوع ، فإنّ قولنا : « كلّ إنسان كاتب » في معنى قولنا : « الإنسان كلّه كاتب » ومثله « لا شيء » في سور السالبة الكليّة عندهم كقولنا : « لا شيء من الإنسان بحجر » فإنّه بحسب اصطلاحهم آلة لإدراك حال الحكم السلبي من حيث تسرّيه إلى جميع أفراد موضوعه ، وبحسب الاصطلاح الاصولي موضوع للدلالة على استغراق الحكم لجزئيّات موضوعه ، ووضعه لذلك هو الباعث على صيرورته آلة لإدراك حال الحكم من حيث تسرّيه إلى جميع الأفراد ، فإنّ تسرّيه إلى الجميع عبارة اخرى لاستغراقه للجميع ، فلفظ « لا شيء » أيضا من ألفاظ العموم على معنى أنّ كلمة « لا » لكونها النافية للجنس تنفي المحمول عن مفهوم شيء ، والهيئة الحاصلة منها ومن مدخولها موضوعة ولو عرفا للدلالة على استغراق ذلك النفي لجميع جزئيّات موضوع القضيّة الّتي هي من مصاديق مفهوم « شيء » وفي معناه النكرة المنفيّة كقولنا : « لا رجل في الدار » فإنّ كلمة « لا » تنفي الوجود في « الدار » عن جنس الرجل ، والهيئة الحاصلة منها ومن مدخولها موضوعة ـ ولو عرفا ـ للدلالة على استغراق ذلك لجميع جزئيّات الجنس.
وبالتأمّل فيما شرحناه في توجيه التعريف يظهر وجه اندفاع الإشكال المتقدّم من جهة الضميرين ، كما يظهر وجه انطباق التعريف على جميع مصاديق العامّ عكسا وطردا.
وأمّا ما أورد على طرده تارة : بلفظ وضع للدلالة على الاستغراق فنقل إلى معنى آخر بحيث هجر وضعه الأوّل ، فإنّه يصدق عليه التعريف مع عدم كونه من المعرّف.