وكيف كان فأجود التعاريف وأسدّها وأظهرها انطباقا على المصاديق اللغويّة هو هذا التعريف الأخير مع توجيه وإصلاح منّا يندفع به ما هو العمدة ممّا يرد عليه وهو : فساد المعنى بمقتضى ظهور عود الضميرين إلى اللفظ ، ضرورة عدم كون الأجزاء والجزئيّات المستغرق لها أجزاء اللفظ وجزئيّاته.
ولا يمكن إصلاحه بإضمار المعنى لوضوح عدم كونهما أجزاء معناه وجزئيّاته أيضا ، وهو الأمر الذهني المضاف إليهما على وجه دخول الإضافة وخروج المضاف إليه ولذا يكون دلالة العامّ على نفس الأجزاء والجزئيّات عندنا التزاميّة باللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ ، للزوم تصوّر المضاف إليه الخارج عن الموضوع له من تصوّره.
وحاصل التوجيه : أنّ اللام في قوله : « للدلالة » للغاية نظير اللام الداخلة على الدلالة المأخوذة في تعريف الوضع : « بأنّه تعيين اللفظ للدلالة على المعنى بنفسه » فتفيد كون الدلالة فائدة مقصودة من وضع اللفظ.
وقضيّة ذلك أن يكون المعنى الموضوع له هو استغراق الأجزاء والجزئيّات فلو قيل : « الأسد موضوع للدلالة على المفترس » كان معناه : أنّه موضوع للمفترس ليدلّ عليه ، و « الاستغراق » مصدر وإضافته إلى الأجزاء والشرائط من قبيل إضافة المصدر إلى المفعول ، ومن الظاهر أنّه لا بدّ له من فاعل وهو الحكم لأنّه الّذي يستغرق الأجزاء والجزئيّات ويستوعبهما ، ومن الظاهر أيضا أنّ الحكم لا بدّ له من موضوع فالضميران يعودان إلى الموضوع من باب العود إلى المرجع المعنوي المنساق من سياق الكلام على حدّ قوله تعالى : ( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ )(١) فيكون معنى التعريف : « أنّ العامّ هو اللفظ الموضوع للدلالة على استغراق الحكم أجزاء موضوعه أو جزئيّاته ».
والمراد بموضوع الحكم في لفظ « الكلّ » مضافا إلى النكرة في استغراق الجزئيّات ، والمعرفة في استغراق الأجزاء هو مدلول مدخوله وهو المضاف إليه ، وفي الجمع المحلّى باللام هو مدلول المادّة المتقوّم بها الهيئة الحاصلة من « اللام » ومدخولها ، نظرا إلى أنّها موضوعة للدلالة على استغراق الحكم لجزئيّات موضوعه وهو مدلول المادّة أعني جنس المفرد المراد من صيغة الجمع حيث تكون الهيئة للعموم الأفرادي المستلزم لانسلاخ معنى الجمعيّة عن الجمع ، أو لأجزاء موضوعه وهو مدلول المادّة أيضا أعني جنس الجمع المعبّر
__________________
(١) النساء : ١١.