ومنها : ما عرّفه به الشيخ البهائي بقوله : « ولا يبعد أن يقال هو اللفظ الموضوع للدلالة على استغراق أجزائه أو جزئيّاته » قال في الحاشية : « ولا يرد المثنّى ولا الجمع المنكر ولا المعهود ولا عشرة ولا الجملة لأنّ وضع كلّ منها ليس للدلالة على الاستغراق بل للدلالة على معانيها ، ولو كان كلّ منها موضوعا للدلالة على الاستغراق لكان إدخال أداة الاستغراق للتأكيد لا للتأسيس ، وأمّا « رجال » بدون اللام فإنّما وضع ليدلّ على جماعة الرجال فهو موضوع لجماعتهم لا لاستغراق تلك الجماعة ، ولا يرد : « مهما تأكل » لأنّ جزئيّاته تظهر من مدخوله فإذا ظهرت استغرقها » انتهى.
والتعليل عليل وإن كان إخراج ما ذكر عن التعريف في محلّه لعدم دخول استغراق الحكم لآحاد معاني الألفاظ المذكورة الّتي هي أجزاؤها في أوضاعها بل الدلالة عليه تحصل من التركيب الكلامي بالالتزام.
ويظهر من بعض الأعلام ارتضاؤه بالتعريف المذكور إلاّ أنّه ـ بعيد كلام له ـ قال : « بأنّ هذا اصطلاح وإلاّ فلا مانع من جعل العشرة المثبتة أيضا عامّا كما يشهد به صحّة الاستثناء » انتهى (١).
وحاصل ما ذكره : أنّ أخذ الوضع في تعريف العامّ إنّما هو بحسب اصطلاح الاصولي وإلاّ فلا مانع من جعل العشرة أيضا عامّا ، بدعوى : أنّ العامّ ما دلّ على استغراق الجزئيّات أو الأجزاء سواء كان دلالته بالوضع أو لا ، وإنّما خصّه بالمثبتة لأنّ النفي في العشرة المنفيّة كقولنا : « ليس له عليّ عشرة » مثلا يدلّ على نفي ثبوت العشرة في الذمّة وهذا يمكن أن يكون باعتبار انتفاء جميع آحاد عشرة ، ويمكن أن يكون باعتبار انتفاء بعض آحادها ، فلا يدلّ على استغراق الحكم السلبي لجميع أجزاء العشرة لا صراحة ولا ظهورا.
وفي جعله المثبتة عامّا نظر بل منع ، لأنّ مصداق العامّ الاصولي بالمعنى المأخوذ فيه الوضع لا بدّ وأن يكون عامّا لغويّا ولا يكون إلاّ موضوعا للدلالة على الاستغراق ، فالعشرة ليست بعامّ وإن كانت مثبتة لعدم دخول الاستغراق بالمعنى الآتي في وضعها بل هي موضوعة لمرتبة خاصّة من العدد ، وصحّة الاستثناء لا تنهض دليلا على العموم وإن كانت تكشف عن دخول التعدّد في المعنى الموضوع له ، والاستثناء يتبع التعدّد وهو أعمّ من العموم المصطلح عليه.
__________________
(١) القوانين ١ : ١٩٢.