مقدورة له للقدرة على رفعها كما أنّ شروطه مقدورة ولو بمقدوريّة مبادئها ، ومن خواصّها كون عدمها من قيود المكلّف به ، وعلى ذلك ينزّل إطلاق من صرّح بأنّ عدم المانع شرط ، بخلاف موانع التكليف فإنّ من خواصّها عدم صلاحيّة كون عدمها من قيود المكلّف به لخروجها عن المقدوريّة ، وكما يشترط في التكليف كون المكلّف به في نفسه مقدورا للمكلّف فكذلك يشترط كون الامور المعتبرة فيه من الأجزاء والشروط أيضا مقدورة له ولو بمقدوريّة مبادئها.
وبالجملة يشترط كون المكلّف به في نفسه وبجميع أجزائه وقيوده مقدورا للمكلّف ، فلا يعقل كون جزء من أجزائه ولا كون قيد من قيوده غير مقدور له خارجا عن اختياره لامتناع التكليف بغير المقدور ، فلا يصحّ كون الطهر وعدم الحيض من شروط الصلاة المأخوذة في مسمّاها على القول بالصحيحة ، فالصحيح من الصلاة على هذا القول هو الماهيّة الجامعة لجميع الشرائط الّتي ليس منها عدم كونها في أيّام الحيض.
وهذا هو السرّ في ورود هذا القيد في كلام بعض الأعلام هنا وإن كان بعض كلامه لا يخلو عن تهافت واضطراب ، وحينئذ نقول : إنّ الصلاة بهذا المعنى مقدورة لجميع المكلّفين حتّى الحائض في أيّام الحيض فلا فرق من هذه الجهة.
نعم الفرق إنّما هو في كون الماهيّة الصحيحة بالقياس إلى غيرها وإليها في غير تلك الأيّام مع كونها مقدورة ممّا أمر بها فتكون صحيحة بمعنى موافقة الأمر أيضا ، بخلافها في أيّام الحيض فإنّها وإن كانت مقدورة لها إلاّ أنّها غير مأمور بها في حقّها لامتناع الأمر مع وجود النهي فنهيها عنها نهي لها عن غير الممتنع.
نعم الممتنع في حقّها هي الصلاة الصحيحة بمعنى موافقة الأمر من جهة انتفاء الأمر لوجود النهي وحينئذ فيسأل عن أبي حنيفة وصاحبيه أنّ مرادهم من الصحّة في دعوى دلالة النهي عليها إن كان هو الصحّة بهذا المعنى فهي ممتنعة بالقياس إليها امتناعا مسبّبا عن النهي ، فكيف يعقل دلالته عليها؟ وإن كان هو الصحّة بالمعنى الأوّل فإثبات الدلالة عليها لا يجدي نفعا مع أنّ الدلالة على الصحّة بالمعنيين معا غير معقولة في المنهيّ عنه لجزئه أو لشرطه أو لوصفه اللازم سيّما إذا كان منشؤه فقدان الجزء أو الشرط أو الوصف ، فليتدبّر في المقام فإنّه من مزالّ الأقدام.