من جزء أو شرط أو عدم مانع أو غير ذلك من الأوصاف والهيئات المخصوصة الّتي لها دخل في وصفها العنواني المشار إليه ، وذلك فرع على المعرفة بتفاصيل تلك الامور ، فلا بدّ من خارج يتكفّل ببيانها ولا يكون إلاّ الأوامر والنواهي الجزئيّة المتعلّقة بالمعاملة كائنة ما كانت ، فإنّها خطابات مفصلة وردت بصورة الاقتضاء واريد منها الكشف عن تفاصيل ما أجمله الخطاب الوارد للتشريع من عموم أو إطلاق ولو باعتبار ظهوره فيما ليس بداخل في المراد ، من غير فرق فيه بين كون التشريع المستفاد منه على وجه الكشف عن الواقع أو الجعل الشرعي أو إمضاء ما يتداوله العرف ويتعاطاه الناس ، فإنّ سبق هذا الخطاب على جميع التقادير ينهض في نظر العرف قرينة كاشفة عمّا هو حقيقة المراد من الأوامر والنواهي المسبوقة من الإرشاد والتعليم إلى ما هو حقيقة المراد من متعلّق هذا الخطاب وإن كان ذلك معنى مجازيا لها ، إذ لا مناص من المصير إليه بعد مساعدة القرينة عليه من غير فرق فيه بين تعلّقها بالمعاملة لنفسها أو لجزئها أو لشرطها أو لوصفها الداخل أو الخارج وإن كان يختلف المفاد من حيث الجزئيّة أو الشرطيّة أو المانعيّة.
نعم يعتبر في النهي كونه لفظيّا بغير لفظ « التحريم » ومتصرّفاته بتقريب ما مرّ ، وفي اللفظي كونه نفسيّا لا غيريّا فإنّه إذا كان غير لفظيّ أو لفظيّا غير نفسي لا يعقل كونه للإرشاد فلا يكون مقتضيا للفساد وعدم ترتّب الأثر ، لا لمجرّد أنّ حرمة المعاملة لا تنافي صحّتها من حيث إنّ صحّتها لا تتوقّف على الطلب ولا الإباحة ولذا جاز التصريح بالتحريم وصحّة المحرّم من دون تناف كما لو قال : « إن ظاهرت يترتّب عليه كذا وكذا ولكن فعله حرام ، أو فعلت محرّما » كما قيل ، لأنّ هذا تعليل عليل مع عمومه لما عدا النوعين المذكورين لما سيتبيّن من إمكان اقتضاء النهي اللفظي النفسي إذا كان تحريميّا للفساد في غير ما نستثنيه بل لعدم تحقّق ضابط الإرشاد فيهما فإنّ ضابطه كون النهي في حيّز الخطاب متعرّضا لسببيّة المعاملة لما يفرض لها من الآثار ويضاف إليها من المسببات بنفي أو إثبات ، ومدركه العرف كما أنّ تشخيصه بالعرف ، وظاهر أنّ النهي إذا لم يكن لفظيّا أو كان ولكن لم يكن نفسيّا غير متعرّض في نظر العرف لنفي سببيّة متعلّقة بل لا نظر فيه إلى السببيّة أصلا كما في النهي عن البيع في موضع الواجب المضيّق على القول باستلزامه النهي ، والنهي عن البيع وقت النداء على القول برجوعه إلى تفويت الجمعة وإن كان لفظيّا ، فإنّ النظر في الأوّل إلى جهة المضادّة والمزاحمة وفي الثاني إلى جهة التفويت ، ولذا يصحّ تعليله بهما لا بالفساد