إلى آخرين ، فأراد من القول الآخر القول الثاني ، وحينئذ ففي فرض النهي عن البيع على هذا القول على وجه يكون من المنهيّ عنه لجزئه نوع خفاء كخفاء أمثلته ، فكيف يقال : إنّ أمثلته كثيرة واضحة؟
ويمكن توجيهه من وجهين ينشآن من اعتبار كون البيع بهذا المعنى مركّبا خارجيّا أو مركّبا عقليّا.
فعلى الأوّل يقال : بأنّ الانتقال ومثله النقل وإن كان بنفسه بسيطا غير قابل للتعدّد غير أنّه من جهة تعدّد متعلّقه من البائع والمشتري ومن المبيع والثمن يطرأه التعدّد بالعرض فيجري فيه أحكام المتعدّد ، فيكون النهي عن البيع لفقد كلّ شرط من الشرائط في المبيع أو الثمن من النهي عن الشيء باعتبار جزئه وهو الانتقال القائم بما فقد شرطه من مبيع أو ثمن ، كالنهي عن بيع ما لا يملك وبيع الأعيان النجسة وبيع المغشوش وبيع ما لا ينتفع به وما ليس بمعلوم وما ليس بمقدور على تسليمه وما أشبه ذلك ونحوها الأمثلة المتقدّمة ، لا باعتبار كون الإيجاب متعلّقا كما في الفرض المتقدّم ، لأنّ الإيجاب على هذا القول ليس بنفس البيع ولا جزئه بل هو شرط خارج عنه أو هو من مقولة الأسباب والمفروض أنّ النهي قد تعلّق بالبيع وهو الانتقال باعتبار جزئه وهو انتقال المبيع أو الثمن لا باعتبار شرطه أو سببه.
نعم يشكل هذا التوجيه من جهة أنّ متعلّق النهي كالأمر لا بدّ من أن يكون من مقولة فعل المكلّف والانتقال ليس منه ، بل هو وصف قائم بالعين الخارجيّة مسبّب عن الصيغة المركّبة من الإيجاب والقبول ، فلتصحيح النواهي المفروضة على القول المذكور لا بدّ من إرجاعها إلى السبب أو إلى جزئه من إيجاب أو قبول ، فلا يبقى فرق بين القولين في كون متعلّق النهي في الأمثلة المذكورة هو الإيجاب.
ويمكن دفعه : بأنّ الانتقال حينئذ من باب الأفعال التوليديّة الّتي منشؤها فعل المكلّف ، فلا داعي إلى صرف النهي عنه إلى سببه كما في سائر المسبّبات المتولّدة عن فعل المكلّف إذا تعلّق بها التكليف.
ولكن فيه بعد شيء آخر وهو عدم كون البيع على هذا القول عبارة عن مجموع الانتقالين ، بل ظاهر التعريف كونه عبارة عن انتقال المبيع فقط.
غاية الأمر اعتبار اقترانه بانتقال الثمن أخذا بمقتضى المقابلة المفيدة للعوضيّة.
وعلى الثاني يقال : بأنّ القيود المأخوذة في هذا التعريف من البداية إلى النهاية كلّها