لمكلّف واحد وهو هنا فعلان لمكلّفين ، وكلّ منهما على تقدير علم المشتري منهيّ عن فعل نفسه لا عن فعل صاحبه ، فالبائع منهيّ عن الإيجاب فقط لا عن المركّب باعتبار الإيجاب وكذلك المشتري ، فلا تركيب في المنهيّ عنه فيكون الإيجاب منهيّا عنه لنفسه على التقديرين وكذلك القبول على أحد التقديرين.
وأمّا قوله : « وأمّا على القول الآخر فالأمثلة كثيرة واضحة » فأورد عليه : بأنّ القول الآخر هو أنّ البيع الإيجاب المقترن بالقبول ، فلا يتفاوت الحال بين القولين في هذا المثال بل هو من المنهيّ عنه لجزئه على كليهما.
وفيه أوّلا : أنّ هذا المعنى للبيع غير معهود منهم ولا أنّ القول به مذكور في أقوال المسألة.
وثانيا : أنّ البيع على هذا القول ـ إن سلّمنا وجوده ـ عبارة عن نفس الإيجاب واقترانه بالقبول قيد فيه ، فالقبول شرط خارج منه فلا جزء له على هذا القول يصلح متعلّقا للنهي ، فيكون الإيجاب حينئذ من المنهيّ عنه لنفسه على هذا القول ، فالإيراد على ما ذكره قدسسره بنحو ما ذكر ليس على ما ينبغي.
نعم يرد عليه : أنّ ذكر القول الآخر بصيغة المفرد في مقابلة القول المذكور غير واضح الوجه ، إذ المسألة ذات أقوال كثيرة :
منها : القول الّذي أشار إليه وهو على ما في المسالك لجماعة منهم النافع واللمعة.
ومنها : ما حكاه في المسالك عن آخرين كالشيخ والحلّي والعلاّمة في جملة من كتبه من أنّه : انتقال عين مملوكة من شخص إلى آخر بعوض مقدّر على وجه التراضي.
ومنها : ما عن ابن حمزة في الوسيلة واستقربه العلاّمة في المختلف من أنّه عقد على انتقال عين مملوكة أو ما هو في حكمها من شخص إلى غيره بعوض مقدّر على وجه التراضي.
ومنها : ما في الشرائع من أنّه : « اللفظ الدالّ على نقل الملك من مالك إلى آخر بعوض معلوم » بناء على كون إضافة العقد إلى البيع بيانيّة.
وعن المحقّق الثاني أنّه استقرب كونه نقل الملك عن مالك إلى غيره بصيغة مخصوصة.
واستوجهه بعضهم فيما حكي عنه تعليلا بكونه المفهوم عرفا وكونه مطّردا في جميع التصاريف.
وعن المصابيح تعريفه : « بإنشاء تمليك بعوض معلوم على وجه التراضي ». وكأنّه قدسسره تبع فيما عبّر المسالك حيث نقل فيه القول الأوّل ونسبه إلى جماعة والقول الثاني ونسبه