أمثلتها اقتفاء لإثر القوم وتبيانا لبعض الغفلات والاشتباهات.
فنقول : إنّ كلاّ من العبادة والمعاملة إمّا أن يكون منهيّا عنه لنفسه ، أو لجزئه ، أو لشرطه ، أو لوصفه الداخل ، أو لوصفه الخارج ، أو لمفارق متّحد معه في الوجود ، أو لمفارق غير متّحد معه في الوجود.
ووجه الانقسام : أنّ النهي عن العبادة أو المعاملة إمّا أن يكون لمفسدة في نفسها أو لمفسدة في غيرها ممّا يوجد معها ، والأوّل هو المنهيّ عنه لنفسه.
وعلى الثاني فالّذي يوجد مع العبادة أو المعاملة إن كان داخلا فيها فهو المنهيّ عنه لجزئه ، وإن كان خارجا عنها فإن كان ممّا يتبدّل بتبدّله في نظر الحسّ نوع العبادة والمعاملة أو شخصهما فهو المنهيّ عنه لوصفه الداخل ، وإلاّ فإن كان ممّا اعتبره الشارع في الصحّة فهو المنهيّ عنه لشرطه ، وإلاّ فإن كان من قبيل الصفات فهو المنهيّ عنه لوصفه الخارج ، وإلاّ فإن لم يتمايز مع العبادة أو المعاملة في الوجود الخارجي فهو المنهيّ عنه لشيء مفارق متّحد معه في الوجود ، وإن تمايز فهو المنهيّ عنه لمفارق غير متّحد معه في الوجود.
فظهر أنّ الفرق بين الجزء والشرط أنّ الأوّل داخل والثاني خارج ، والمراد بدخول الجزء دخوله في الجنس المقول على الكلّ كالركوع والسجود مثلا للصلاة والإيجاب والقبول للبيع فيقال على الجميع فعل المكلّف ، والمراد بخروج الشرط خروجه عن الجنس المقول على المشروط كالطهارة وكون المصلّي مستقبل القبلة مثلا في الصلاة ، وكمال المتعاقدين وملك العوضين مثلا في البيع ، لعدم كون شيء منها ونظائرها من مقولة فعل المكلّف كما هو واضح.
ومن هنا قد يقال في الفرق بينهما : إنّ الجزء ما يتوقّف عليه الكلّ في تعقّله وصدق الإسم عليه ، والشرط ما لا يتوقّف عليه المشروط في تعقّله ولا في صدق الإسم عليه ، إلاّ أنّه في العبادات مبنيّ على القول بكون ألفاظها أسامي للأعمّ.
وممّا بيّنّاه من ضابط الفرق بينهما ينقدح أنّ النيّة المعتبرة في العبادات المختلف في كونها جزءا أو شرطا بالشرط أشبه ، لعدم كونها من مقولة فعل الجوارح ويفصح عنه ثبوت حكم الشرط لها وهو المقارنة لتمام العمل ، ولذا اعتبر فيها الاستدامة الحكميّة على القول بالإخطار.
وممّا ذكرنا ارتفع الإشكال أيضا في طمأنينة الركوع والقيام بعد الركوع ، فإنّ الصلاة الّتي من مقولة فعل المكلّف ملتئمة عن حركات وسكنات ومن الحركات الركوع والذكر