النفسي ما لم يحصل ذو المقدّمة في الخارج ، ولا فرق أيضا بين العبادات وغيرها.
غاية الأمر أنّ العبادة مأخوذة في صحّتها قصد التقرّب ، وهو أمر آخر وراء الإرادة.
والفرق بينهما مع اشتراكهما في توقّف وجود الواجب عليهما أنّ الإرادة من المقدّمات العقليّة للوجود ، وهي لازمة لجميع الأفعال وإن لم تكن من العبادات بل كانت من المحرّمات ، وقصد التقرّب من المقدّمات الشرعيّة فلذا يختصّ بالعبادات مع كونه عبارة عن الداعي وهو مقدّم دائما على الإرادة الّتي هي من المقدّمات العقليّة ، لكونها عبارة عمّا يقارن حدوثها لإيجاد الفعل.
فما في كلام الفاضل النراقي من الاستدلال على ما ذكره من الفرق ، بأنّه : « لا بدّ في الامتثال في العبادات من نيّة الفعل والتقرّب به وممّا يميّزه عن غيره ، فلا يمتثل بالجزء إلاّ مع قصد كونه العبادة المعيّنة المطلوبة ، فإذا لم يقصده وقصد كونه جزء عبادة لا يوافق الأمر بالجزء ، بل الأمر التبعي الّذي دلّ عليه الأمر التخييري بالكلّ ، فلا يصحّ إلاّ إذا أتى بالزائد من غير فرق بين التدريجي والدفعي » ليس على ما ينبغي ، إذ قصد التقرّب لا يستدعي قصد الفعل بخصوصيّته المتعيّنة بل يكفي فيه مجرّد قصد امتثال الأمر المتعلّق به بأداء المأمور به ، وهو ممّا لا قضاء له بتمييز العبادة المطلوبة عن غيرها ، بل القاضي به إنّما هو الإرادة الّتي هي من المقدّمات العقليّة ، وهي كما أنّها لازمة للفعل في العبادات فكذلك لازمة له في غيرها ، وإذا تعلّقت هذه الإرادة بالجزء لا بعنوان كونه جزء حين وجود الصارف عن الكلّ بعنوان كونه كلاّ كان أداؤه على هذا التقدير أداء لنفس الواجب لا جزئه بملاحظة ما ذكرنا ، وإذا تعلّقت به بعنوان أن يكون جزء للكلّ حين وجود الصارف عنه لا بعنوان كونه جزءا كان أداؤه على هذا التقدير أداء لجزء الواجب لا نفسه ، فلا يمتثل إلاّ بأداء الجزء الآخر معه أو أدائه ثانيا بإرادة اخرى متعلّقة بها لا بعنوان أنّه جزء ، وإن لم يكن المقام من جملة العبادات ، على أنّ امتثال الأمر بأداء المأمور به لازم في كلّ من العبادة وغيرها.
غاية الأمر أنّ قصد الامتثال وقصد التقرّب به ليس بلازم في غير العبادة.
نعم يتفاوت الحال فيما ذكرنا فيما لو كان التخيير بين أفراد الكلّي المأمور به عقلا أو بين أفراد الواجب التخييري شرعا ، وإنّما يتمشّى ذلك في الثاني وهو العمدة في المقام.
وأمّا الأوّل فقد تبيّن حكمه في بحث المرّة والتكرار ، وصار البناء فيه على عدم وجوب القدر الزائد على المرّة ولو على المختار من تعلّق الأمر بالماهيّة ، فراجع. ولا حاجة إلى الإعادة.