ومنها : الفرق بين ما لو كان حصول الأكثر تدريجيّا فالواجب هو الأقلّ خاصّة لحصول الطبيعة المأمور بها في التخيير العقلي وأحد فردي الواجب في التخيير الشرعي ، وبه على التقديرين يحصل الامتثال ومعه لا معنى لوجوب الزائد ، وبين ما لو كان حصوله دفعيّا فالمتّصف بالوجوب هو الجميع لكونه فردا من الواجب.
نعم اختياره مستحبّ لكونه أكمل الأفراد ، والمراد بالتدريج هنا حصول الأقلّ عند الامتثال بالأكثر قبل حصول القدر الزائد.
ومنها : اعتبار القصد في ذلك ، فيجب الزائد مع قصد امتثال الأكمل ولا يجب مع قصد امتثال الأنقص ، عزاه في المناهج إلى طائفة منهم والده ، واختاره هو أيضا ولكن ضمّ إليه تفصيلا فقال ـ بعد حكاية القول المذكور ـ : « وهو الحقّ في العبادات إذا قصد أحدهما بخصوصه ، وأمّا إذا لم يقصده وفي غيرها فالواجب هو الأنقص خاصّة في التدريجي والأكمل في الدفعي ».
ويمكن أن يقال في دفع الإشكال : إنّ الوجوب أمر واقعيّ لا ينوط بتلك الاجتهادات المبتنية على الاعتبارات ، بل هو تابع للإيجاب لكونه أثرا حاصلا منه ، والإيجاب أمر راجع إلى ما في ضمير الآمر ، وهو في ترتّب أثره عليه مسبوق بما تحقّق في ضمير الآمر من ملاحظة متعلّق أثره ، ومتعلّق ذلك الأثر لا بدّ وأن يكون فعل المكلّف وهو في محلّ البحث إنّما هو طبيعة النزح والمسح والتسبيحة وغيرها ، والأقلّيّة والأكثريّة عرضان حاصلان عن اعتبار العدد في تشخيص تلك الطبيعة قائمان بها وليسا ممّا تعلّق بهما أثر الإيجاب ، ضرورة امتناع تعلّق الحكم بما ليس من مقولة الأفعال ، لكن الطبيعة في ضمير الآمر إذا لوحظت تارة مقيّدة بالعدد المحصّل للأقلّيّة واخرى بالعدد المحصّل للأكثريّة يحصل به طبيعتان ثانويّتان متقابلتان كلّ منهما بدل عن الآخر في عروض وصف الوجوب بهما ، فالأقلّ بما هو أقلّ ليس عنوانا تعلّق به وصف الوجوب بالخصوص ، ولا الأكثر بما هو أكثر عنوانا تعلّق به الوجوب بالخصوص ، بل العنوان في لحاظ الآمر إنّما هو الطبيعة بشرط هذا مع الطبيعة بشرط ذاك ، والتخيير واقع بينهما ، فيكون الواجب في نظر الآمر بالضابطة الّتي قرّرناها كلّ منهما حال عدم حصول الاخرى ، والّذي يجوز تركه كلّ منهما حال حصول الاخرى ، فالزائد لا مدخل له في المقام وليس ملحوظا في نظر الآمر بالخصوص ليكون منشأ للإشكال وينظر في حكمه من أنّه هل يجوز تركه ، لا إلى بدل أو