يأتي من بحث الواجب الموسّع.
ويمكن التفصيل فيما بين الموقّت فيكون التخيير فيه شرعيّا ، لأنّ وقته محدود بداية ونهاية بأصل الشرع وغير الموقّت فيكون التخيير بالنسبة إليه عقليّا ، نظرا إلى عدم اعتبار الشارع حدّا في وقته بالخصوص.
وقد يكون من مقولة العدد كما في التخيير بين درهم ودرهمين بالقياس إلى الصدقة المأمور بها ، أو بين فرد وفردين من أفراد الكلّي المأمور به الّذي يثبت بحكم العقل ، والتخيير في النزح بين ثلاثين وأربعين ، وفي المسح بين إصبع وإصبعين وثلاث أصابع الّذي ثبت بحكم الشرع ، وهذا هو الّذي يعبّر عنه عندهم بالتخيير بين الأقلّ والأكثر ، ولمّا كان التخيير ممّا يستلزم اتّصاف كلّ من الفردين بالوجوب على سبيل البدليّة حسبما تقدّم فقد يقع الإشكال في تصويره هنا على وجه لا يكون منافيا لاتّصاف الزائد في جانب الأكثر الّذي هو أحد فردي الواجب التخييري بالوجوب ، نظرا إلى أنّ الواجب ما يعرضه الوجوب في جميع أجزائه ، وإلاّ فلو خصّ الوجوب به في بعض الأجزاء لا يكون الباقي جزءا له ، وهو من وجوه :
أحدها : أنّ التخيير هنا إنّما يقع على القدر الزائد ، لأنّ الأقلّ ممّا لا يجوز الإخلال به على كلّ تقدير ، سواء فرضناه فردا برأسه للواجب المخيّر أو جزء من الفرد الآخر وهو الأكثر ، فلا تخيير بالنسبة إليه ، فلا يبقى له محلّ إلاّ القدر الزائد ، والتخيير فيه على تقدير كونه واجبا تخيير بين فعل الواجب وتركه ، وهو كما ترى ممّا لا يتعقّل.
وثانيها : أنّ الأقلّ لكونه فردا من الواجب التخييري يحصل به امتثال الأمر لا محالة ، فلو وجب القدر الزائد مع حصول الامتثال به لزم بقاء الوجوب مع حصول الامتثال ، أو لزوم الامتثال عقيب الامتثال وهو أيضا ممّا لا يتعقّل.
وثالثها : أنّ الواجب ما لا يجوز تركه لا إلى بدل ، والقدر الزائد على الأقلّ يجوز تركه ولا بدل له فكيف يكون واجبا ، ولأجل ذلك وقع الخلاف فيما بينهم بالنسبة إلى اتّصاف القدر الزائد بالوجوب وعدمه ، وحصل منهم أقوال متشنتّنة :
منها : وجوب القدر الزائد مطلقا ، لكون المجموع منه ومن الناقص فردا للواجب أخذا بظاهر اللفظ.
ومنها : استحباب القدر الزائد مطلقا ، لجواز تركه لا إلى بدل.