عليها صفة يعبّر عنها بالرجحان ، وعن الترك باعتبار خلوّه عن مصلحة الفعل صفة يعبّر عنها بالمرجوحيّة ، وإذا اشتمل على مفسدة ينتزع عن الترك باعتبار خلوّه عن مفسدة الفعل صفة يعبّر عنها بالرجحان ، وعن الفعل باعتبار اشتماله على المفسدة صفة يعبّر عنها بالمرجوحيّة ، فليس في الفعل والترك مع قطع النظر عن الانتزاع العقلي إلاّ اشتمال الأوّل على المصلحة فيقال له : « الراجح » بهذا الاعتبار ، وخلوّ الثاني عن المصلحة فيقال له « المرجوح » بهذا الاعتبار ، أو اشتمال الأوّل على المفسدة فيقال له : « المرجوح » بهذا الاعتبار ، وخلوّ الثاني عن تلك المفسدة فيقال له : « الراجح » بهذا الاعتبار ، فمن الجائز عند العقل أن يشتمل فعل العبادة لذاتها على مصلحة مندرجة في الثواب الاخروي المعدّ لتلك الذات كالصلاة من حيث هي صلاة ، والصوم من حيث هو صوم ، ولوصفها أو لمقارنها على منقصة مندرجة في ضرر دنيوي من إصابة مرض أو عروض نسيان أو فقر أو نحو ذلك ، أو اخروي غير بالغ حدّ استحقاق الدخول في النار من غير أن يزاحم الثواب الّذي استحقّه المكلّف لأجل الذات كطول المكث في موقف الحساب ونحوه ، أو يكون هو مزاحمة للثواب بتقليله إيّاه ، فيتّصف بهذين الاعتبارين بالرجحان والمرجوحيّة من غير لزوم محال ، لأنّ مرجعه إلى الاشتمال على المصلحة والمنقصة المذكورتين.
وبالتأمّل في ذلك يندفع ما أورده بعض الأعلام (١) على القول بأنّ المرجوحيّة في الفعل إضافيّة وهي لا تنافي الرجحان الذاتي.
فأوّلا : « بأنّ المرجوحيّة الاضافيّة إن أوجبت منقصة في ذات ذلك الفرد بحيث يستحقّ الترك بالغلبة إلى ذاته فيعود المحذور ، وإلاّ فالغير الراجح بالقياس إليه إن كان بحيث يوازي أصل الطبيعة في الثواب فيصير ذلك الفرد مرجوحا بالنسبة إلى أصل الطبيعة أيضا فيستحقّ به الترك لما فيه من منقصة ذاتيّه ، وإن كان بحيث يزيد على أصل الطبيعة في الثواب فذلك الفرد إمّا أن يكون فعله مطلوبا أو يكون تركه مطلوبا أو يكون كلاهما مطلوبين.
فعلى الأوّل لا كراهة فيه ، وعلى الثاني لا استحباب ، وعلى الثالث يعود المحذور.
وثانيا : بأنّه لا فارق بين قولنا : « لا تصلّ في الدار المغصوبة » و « لا تصلّ في الحمّام » فإن صحّ قولك بعدم منافاة المرجوحيّة الإضافيّة للرجحان الذاتي لوجب أن لا تنافيه في المقامين وإلاّ فوجب أن لا يصحّ فيهما معا ، فأيّ شيء دعاك إلى الفرق بينهما » إلى آخر ما
__________________
(١) القوانين ١ : ١٤٦.