ذكره ممّا لا يتعلّق بالمقام.
ووجه اندفاع الأوّل : أنّ المنقصة الناشئة عن الخصوصيّة أوجبت المرجوحيّة الإضافيّة وأقلّيّة الثواب الغير المنافيتين لرجحان الفعل باعتبار ذات العبادة ككونه صلاة أو صوما فيكون فعله مطلوبا دون تركه ، وإن كان تركه إذا دار الأمر بينه وبين ترك ما هو كامل الثواب الخالي عن المنقصة في العبادات عند المزاحمة أولى وأحقّ ، فاستحقاق ذلك الفرد للترك توصّلا إلى إدراك ما هو الأصلح بحال العبد في العاجل والآجل غير مطلوبيّة تركه ، والتنافي إنّما يحصل على الثاني ، والقائل بالمرجوحيّة الإضافيّة أو أقلّيّة الثواب لا يلتزم بالطلب ، ودعوى أنّه لا كراهة حينئذ ، يدفعها : أنّ المنتفي حينئذ هو الكراهة بمعناها المعروف لا المعنى الآخر المقصود بالتوجيه المصروف إليه النهي ، الّذي مرجعه إلى ما ذكرناه مرارا من الإرشاد المعرّى عن الطلب إلى أحد الأمرين من المرجوحيّة الإضافيّة أو أقلّيّة الثواب.
واندفاع الثاني : وضوح الفرق بين المقامين ، فإنّ النهي عن الصلاة في الدار المغصوبة تحريمي وهو باعتبار فصله يناقض كلاّ من الوجوب والندب فيلزم اجتماع المتنافيين في محلّ واحد ، ولا صارف له عن معناه الحقيقي لتعيّن التخصيص في نحوه على ما ستعرفه في البحث الآتي.
ولو سلّم كونه أيضا إرشاديّا فهو إرشاد إلى ما يكون مفاده مانعيّة الكون في المكان المغصوب الّتي يمتنع معها صحّة الصلاة بالنظر إلى ما يأتي تحقيقه في البحث الآتي من أنّ الأوامر والنواهي المتعلّقة بالعبادات والمعاملات كلّها إرشاديّة مسوقة لبيان الشرطيّة والمانعيّة ، بخلافه النهي فيما نحن فيه فإنّه ارشاد إلى ما كان مفاده عدم المانعيّة اللازم للمرجوحيّة الإضافيّة أو أقلّيّة الثواب بالنظر إلى دليل الصحّة من إجماع ونحوه.
ثمّ قد عرفت عن الشهيد الثاني في المسالك تفسير مكروه العبادة بخلاف الأولى ، ثمّ فرّع عليه نقصان ثوابها من فعلها في غير هذه الأوقات ، وظاهره كونهما متلازمين وهو كذلك ، لأنّه كلّما اشتمل على منقصة موجبة لأقليّة الثواب والمرجوحيّة الإضافيّة فتركه إلى فعل ما لا منقصة فيه أولى ، ولكن لو عبّر عن فعلها في غير هذه الأوقات بفعل غيرها كان أولى لئلاّ يتوجّه إلى ما ذكره من أنّ خلاف الأولى يقتضي مقابلا يكون هو الأولى وهو فيما لا بدل له ممّا لا مقابل له ، إذ لا يعتبر في الأولى ، وخلاف الأولى كونهما متجانسين ، فيجوز كون مكروه العبادة خلاف الأولى بالإضافة إلى طاعة اخرى ممّا يقع في الوقت