من المأمور به وإن لم يكن المأتّي [ به ] هو المأمور به أو كان الآتي غير المأمور وهذا أيضا يتحقّق في التوصّليّات ، وقد يكون من إسقاط الأمر انتفاء الموضوع كإلقاء الميّت في البحر أو إحراقه الموجب لسقوط وجوب تغسيله وتكفينه وتدفينه ويجري ذلك في التعبّديّات والتوصّليّات ، ومحلّ الاستدلال بالنسبة إلى الخياطة المأمور بها من باب القسم الأوّل من الإسقاط ، وقد اشتبه ذلك على المستدلّ فزعمه من باب الامتثال أو ما يعمّه والأداء الملازم لحصول المأمور به نفسه مع أنّه ليس من محلّ البحث ، ووجه الاشتباه اشتراك الجميع في استلزام حصول الغرض.
وبالتأمّل فيما ذكر مضافا إلى ما تقدّم في الوجه السابق من منع اتّحاد متعلّقي الأمر والنهي يتّضح الجواب عمّا ذكر في تأكيد الدليل أو تعميمه بعبارة اخرى أوضح.
وأمّا ما سمعته عن الفاضل الباغنوي ، فيدفعه : أنّ التخصيص أو التقييد مع قيام شاهد عقلي أو عرفي عليه بعنوان القطع ممّا لا محيص من التزامه ، فقوله : « لأنّه لم يقيّد أمره بالخياطة بأن لا يكون في الحرم » إن أراد به إنّه لم يصرّح في اللفظ بما يقيّده فهو مسلّم ولكن طريق التقييد لا ينحصر في المقيّد اللفظي ، وإن أراد به ما يعمّ حكم العقل فهو كذب ومكابرة للوجدان ، مع إمكان دعوى التقييد باللفظي لأنّ النهي عن الأخصّ في نظر العرف من قبيل المخصّص المنفصل ، كيف وكون المبغوض في نظر المولى بكشف نهيه عنه ممّا يستحيل عقلا بل عرفا كونه محبوبا ومطلوبا له ، فيكون ذلك ممّا يكشف عن عدم شمول أمره لهذا الفرد المبغوض ، فلا معنى لدعوى أولويّة إبقاء كلّ من الأمر والنهي في مقابلة تخصيص أحدهما ، وما نسب إلى المولى من أنّه يقول : « لكن يحصل ما هو مطلوبي بالأمر » فإن أراد به أنّه يحصل غرضي من المأمور به فهو حقّ لا سترة عليه ولكنّه لا دخل له بمحلّ البحث ، لما عرفت أنّه من باب حصول المسقط المحصّل للغرض وإن لم يحصل معه نفس المأمور به ، وإن أراد به أنّه يحصل متعلّق طلبه الّذي هو المأمور به فهو افتراء على المولى الحكيم لما فيه من مناقضته لمقتضى [ النهي ] وفرض المثال في خطاب غير الحكيم الّذي لا يبالي عن التناقض في كلامه خروج عن موضوع المسألة رأسا إذ لا كلام في خطاب غير الحكيم.
وبذلك يظهر ما في التصريح بقوله : « لأنّ مطلوبي بالأمر خياطة الثوب في مكان مّا أيّ مكان كان » فإنّ هذا الكلام من الحكيم غير صحيح عقلا وعرفا ، فلا معنى لقوله : « ولا يخفى أنّ هذا معنى صحيح غير مخالف للّغة ولا للعقل بل هو مخالف للعقل » والعرف الكاشف