إيجاد الغصب لا بهذا الإيجاد الخاصّ.
ويدفعه : ما تقدّم من أنّهما يستتبعان طلب هذا الإيجاد الخاصّ تخييرا والمنع منه تعيينا بمقتضى تكرار النهي الّذي يثبت بدلالة الإشارة أيضا على ما بيّنّاه في محلّه ، فيلزم محذور اجتماع المتنافيين في محلّ واحد.
وممّا قرّرناه يعلم أنّه لا وقع لما قيل إيرادا على الدليل من : أنّه لا اتّحاد بينهما في الوجود الخارجي ، كيف ومن المقرّر في محلّه أنّ الكلّيين يستحيل اتّحادهما حقيقيّة إلاّ إذا كان أحدهما جنسا والآخر فصلا ، وليس الأمر فيما نحن فيه كذلك قطعا لكون الوحدة فيه عرفيّة يحكم عليه بها مسامحة ، وإلاّ فالمتحقّق في الحقيقة أمران مختلفان.
نعم لو كان هناك وحدة حقيقيّة كما لو أمر بالجنس ونهى عن الفصل أو بالعكس فهذا من الاجتماع المستحيل ، ضرورة أنّ النهي عن الفصل عين النهي عن الجنس المتفصّل به ، إذ لا تحصّل له في حدّ ذاته إلاّ بتحصّله بل ليس لهما إلاّ تحصّل واحد ، بخلاف ما نحن فيه فإنّ متعلّق الأمر عنوان ومتعلّق النهي عنوان آخر ولكلّ منهما تحصّل في حدّ ذاته ولا مانع من مطلوبيّة أحدهما ومبغوضيّة الآخر.
فإنّ فيه أوّلا : منع تعدّد العنوان إن اريد به التعدّد الخارجي بحيث لا يصدق شيء من أفراد أحدهما على شيء من أفراد الآخر ، ومنع انحصار ما لا يستحيل من اتّحاد كلّيين في الجنس والفصل إلاّ إذا كانا بحيث يتشخّص كلّ منهما بالآخر عند الانضمام ، كما لو كان أحدهما من مقولة الجوهر والآخر من مقولة العرض كالإنسان والبياض وطول القامة مثلا ، فكما أنّ الإنسان الكلّي يتشخّص بالبياض وطول القامة فيصير شخصا من الإنسان فكذلك كلّ من البياض وطول القامة يتشخّص بالإنسان فيصير شخصا من البياض الكلّي وطول القامة ، وهذان من كلّيين يستحيل اتّحادهما في الوجود الخارجي ، ولذا لا يصحّ حمل شيء منهما على شخص الآخر ، بخلاف ما نحن فيه كالصلاة والغصب فإنّهما في مادّة الاجتماع متّحدان بحسب الوجود الخارجي ولذا يصحّ حمل كلّ منهما على الفرد الخارجي الّذي لا تعدّد فيه.
وثانيا : منع تعلّق الحكمين بنفس العنوانين بل بايجادهما وهو واحد لا تعدّد فيه أصلا وإن فرض تعدّد وجوديهما ، لما عرفت من أنّ تعدّد إضافة الإيجاد الخاصّ ولو إلى موجودين لا يوجب تعدّد المضاف.
وثالثا : أنّ تعدّد العنوان بحسب الخارج إن أوجب عدم تصادقهما على شيء واحد