اجتماع المتنافيين في شيء واحد. وذلك لا يندفع إلاّ بتعدّد المتعلّق ، بحيث يعدّ في الواقع أمرين ، هذا مأمور به وذلك منهيّ عنه. ومن البيّن أنّ التعدّد بالجهة لا يقتضي ذلك بل الوحدة باقية معه قطعا ؛ فالصلاة في الدار المغصوبة ، وإن تعدّدت فيها جهة الأمر والنهي ، لكنّ المتعلّق الّذي هو الكون متّحد ؛ فلو صحّت ، لكان مأمورا به ـ من حيث انّه أحد الأجزاء المأمور بها للصلاة وجزء الجزء جزء والأمر بالمركّب أمر باجزائه ـ ومنهيّا عنه ، باعتبار أنّه بعينه الكون في الدار المغصوبة ، فيجتمع فيه الأمر والنهي وهو متّحد. وقد بيّنا امتناعه ؛ فتعيّن بطلانها.
_______________________________
أمران متمايزان : هذا مأمور به وهذا منهيّ عنه ويشار إليهما بالإشارة الحسيّة.
وأمّا ما أورد عليه بعض المحقّقين وتبعه آخرون من : « أنّ هذا إنّما يستقيم إذا كانت الجهتان تعليليّتين ، إذ اختلاف العلّة غير نافع في منع لزوم اجتماع المتنافيين في موضع واحد بخلاف ما لو كانتا تقييديّتين فلا يلزم ذلك ، والظاهر أنّ الصلاة في الدار المغصوبة من قبيل الثاني ، فإنّ متعلّق الوجوب فيها هو ماهيّة الكون من حيث هو كون مطلق ومتعلّق الحرمة خصوصيّة الكون وتشخّصه ، ويمكن انفكاك أحدهما عن الآخر وقد جمعهما المكلّف باختياره ، فالموضوعان مختلفان وإن عرض أحدهما للآخر ولا فساد فيه » انتهى.
ومحصّله : أنّ نسبة كون الصلاة مع كون الغصب كنسبة العارض مع المعروض ، من حيث إنّ الغصب وهو التصرّف العدواني بمنزلة المادّة وقد عرضها الهيئة الصلاتيّة كما يعرضها الهيئات الاخر من نوم واضطجاع ومشي وجلسة ونحوها ، والمفروض أنّ الوجوب تعلّق بالعارض والحرمة بالمعروض وهما متّحدان فلا يلزم تعلّقهما بشيء واحد.
ففيه : أنّ تقييديّة الجهتين على ما بيّنّاه في المقدّمة الرابعة مسلّمة ، ولكن تعدّدهما لا يجدي في تعدّد متعلّق الحكمين وتمايزهما في الخارج بعد فرض كونه الإيجاد الّذي هو أمر واحد ، وتعدّد إضافته إلى العارض والمعروض غير مجد ما لم يوجب تعدّده في الواقع والمفروض خلافه ، وقطع النظر عن اتّحاده الحقيقي في نظر الحسّ وعدم الاعتناء به لا يجعله أمرين متغايرين بحسب الواقع.
نعم يتوجّه إليه السؤال المتقدّم من أنّ الحكمين يتعلّقان بكلّي إيجاد الصلاة وكلّي