محلّه أنّ الثاني مقدّم على الأوّل ، ولا سيّما المقام المستلزم للاستعمال في المعنيين.
وأمّا على الثالث : فلأنّ الأمر مردّد حينئذ بين كون الوجوب التعييني بالنسبة إلى المتمكّنين في خطاب « فاسعوا » مرادا منه لا بقيد الخصوصيّة ، بدعوى : كون المراد الوجوب المطلق والخصوصيّة إنّما استفيدت من دليل منفصل ، أو مرادا منه بقيد الخصوصيّة ، بدعوى : أنّ المراد منه الوجوب المقيّد من حيث كونه مقيّدا.
فعلى الأوّل يثبت الوجوب التخييري في حال الغيبة أيضا ، إذ لا يلزم من نفي الخاصّ نفي العامّ ، كما في « أعتق رقبة » و « أعتق رقبة مؤمنة » فيكون كلّ من إثبات العينيّة ونفيها بالدليل بالنسبة إلى الصنفين من الأحكام الواردة على ماهيّة واحدة ملحوظة لا بشرط شيء من تلك الأحكام في الخطاب الأوّل ، كالصلاة الّتي هي ماهيّة واحدة فرضا وتختلف أحكامها في الخطاب الشامل لجميع أنحاء المكلّفين بالنسبة إلى الحاضر والمسافر والصحيح والمريض الّتي تثبت بالأدلّة المنفصلة ، لا أنّها مرادة من الخطاب بأصل الصلاة.
وعلى الثاني ينتفي الوجوب من رأسه ، لكونه بحسب المعنى حينئذ كاحتمال كونها حقيقة في الوجوب التعييني. وقد عرفت الوجه في انتفاء الوجوب بالنسبة إلى هذا الاحتمال ، وإن شئت توضيحه فلاحظ قوله : « أعتق رقبة » مع قرينة دلّت على أنّ المراد خصوص الرقبة المؤمنة ، مع قوله ـ لبعض المخاطبين ـ : « لا يجب عليك عتق المؤمنة » حيث إنّ الخطاب الثاني يقضي بأنّه لا تكليف لهذا البعض رأسا ، لا أنّ له تكليفا في ضمن غير المؤمنة كما لا يخفى.
فما ذكره بعض الأعاظم تفريعا على ما اختاره من الاشتراك المعنوي في قوله : « ومن فروع الأوّل صلاة الجمعة ، فإنّ أمر « فاسعوا » دلّ على وجوب صلاة الجمعة والإجماع وقع على عدم كونها عينيّة بالنسبة إلى من لم يتمكّن من حضور صلاة النبيّ صلىاللهعليهوآله أو صلاة من أذنه بها ، فيبقى الوجوب التخييري بالنسبة إليهم على المختار ، ويرفع الوجوب مطلقا على القول الآخر فتصير حراما لعموم حرمة التشريع والبدعة والتوقيفيّة ، فيلزم في حال الغيبة على الأوّل أحد الأمرين ، وعلى الثاني يمكن بناء المسألة على أنّ رفع الخاصّ لا يقتضي رفع العامّ فيثبت التخيير أيضا » ليس على ما ينبغي لما عرفته مفصّلا ، إلاّ إذا كان الأصل المحرز عنده في الكلّي المقرون استعماله بإرادة الفرد كونه من باب إطلاق الكلّي على الفرد ، المستلزم لتعدّد الدالّ والمدلول لا من باب الاستعمال في الخصوصيّة كما هو الأظهر ،