أمّا الأوّل : فالوحدة فيه قد تكون شخصيّة ، وقد تكون نوعيّة بالمعنى الأعمّ من الجنسيّة ، وعلى الوحدة الشخصيّة فإمّا أن يكون الجهة في تعلّق الحكمين متّحدة أو متعدّدة مع كون الجهتين وصفين لازمين ، كالأمر بإكرام زيد لنطقه والنهي عن إكرامه لضحكه بالقوّة ، أو عرضين مفارقين كالأمر بإكرام زيد من جهة أنّه صائم والنهي عن إكرامه من جهة أنّه فاسق ، أو إحداهما وصفا لازما والاخرى عرضا مفارقا كالأمر بإكرام زيد لشجاعته والنهي عن إكرامه لفسقه ، أو الأمر بإكرامه لعدالته والنهي عن إكرامه لشجاعته.
وعلى الوحدة النوعيّة فالجهة في تعلّقهما أيضا إمّا متّحدة أو متعدّدة من باب الوصف اللازم ، أو العرض المفارق فيهما ، أو في إحداهما ، وهذه ثمانية صور جارية ، أربع منها في الواحد بالشخص واخرى في الواحد بالنوع.
وأمّا الثاني : فالنسبة بين العنوانين إمّا التساوي ـ على معنى صدق كلّ منهما على ما صدق عليه الآخر لكونهما متغايرين ذهنا متّحدين خارجا كالأمر بالجهر في الصلاة والنهي عن إسماع الصوت فيها ولو تقديرا ، أو صدق كلّ منهما عند صدق الآخر لكونهما متغايرين ذهنا وخارجا كما في العلّة والمعلول ومعلولي العلّة المشتركة ـ أو التباين مع كونهما متعاندين كالصلاة والزنا ، أو متخالفين كالصلاة والنظر إلى الأجنبيّة ، أو عموم وخصوص مطلق مع تعلّق الأمر بالعامّ والنهي بالخاصّ كالأمر بالصلاة والنهي عنها في الدار المغصوبة ، أو بالعكس كالنهي عن الصلاة والأمر بها في الدار ، أو عموم من وجه كالصلاة والغصب ، وهذه أيضا أربعة إذا انضمّت إلى الثمانية المذكورة يرتقي الصور إلى اثني عشر ، ليس من محلّ الخلاف هنا على ما اتّفقت عليه كلمتهم تصريحا وظهورا عنوانا ومثالا ودليلا إلاّ بعض منها ، وتفصيل القول في ذلك تمييزا لموضع الخلاف عن غيره يستدعي التعرّض لذكر كلّ صورة ببيان ما هو الحال فيها.
فالصورة الاولى : ما كان متعلّق الأمر والنهي شيئا واحدا شخصيّا لجهة واحدة كما لو قال : « أكرم زيدا العالم » و « لا تكرم زيدا العالم » وفي حكمه ما لو تعلّقا به لذاته كقوله : « أكرم زيدا » و « لا تكرم زيدا » ولك أن تعتبر الجهة الواحدة ما يعمّ الذاتي والعرضي ، وكيف كان فلا إشكال في امتناع اجتماعهما فيه كما صرّح به غير واحد ، لاستحالة اتّصاف الواحد بالشخص بالحسن والقبح من جهة واحدة ، مع امتناع تعلّق الإرادة والكراهة به فيكون تكليفا محالا ، مع كونه تكليفا بالمحال أيضا لتعدّد الجمع بينهما في الامتثال ، فإنّ مبناه