الأوّل : هل التكرار على القول به مطلوب واحد حصل عن اعتبار التروك بعضها مقيّدا ببعض بحيث لو أخلّ ببعضها لم يكن ممتثلا أصلا وترتّب عليه العقاب كما كان يترتّب على الإخلال بالجميع ، أو مطلوبات متعدّدة على حسب تعدّد الأمكنة والأوقات بحيث لو حصل الإخلال ببعضها أحيانا لم يكن قادحا في الامتثال ببعض آخر سابق عليه أو لاحق به؟وجهان ، من أنّ الناهي لاحظ التروك بأجمعها ونزّل المجموع منها منزلة الواحد فطلبه ، ومن أنّه لا حظ كلّ ترك على حدة واعتبره منفردا مع قطع النظر عن صاحبه فطلب الجميع بهذا الاعتبار.
فقضيّة ما ذكر من الوجهين أن لا يكون في اللفظ دلالة على أحد المعنيين ما لم ينضمّ إليه خارج ، هذا على القول بدخول التكرار في مدلول النهي باعتبار الوضع ، وأمّا على المختار فالمتّجه هو الوجه الثاني ، لأنّ المطلوب حينئذ إنّما هو ترك الماهيّة المطلقة لا بشرط شيء من الامور الوجوديّة والعدميّة ، وهو كلّي أفراده التروك المتميّزة بخصوصيّات الأمكنة والأوقات ، كما أنّ الماهيّة كلّي أفراده الإيقاعات المتميّزة بخصوصيّاتهما ، وكما أنّ كلّ إيقاع ما يصدق عليه إيجاد الماهية وإدخالها في الوجود فيترتّب عليه العقاب بهذا الاعتبار ، فكذلك كلّ امتناع فإنّه يصدق عليه الترك المطلق بالامتناع عمّا يتحقّق في ضمنه الماهيّة المطلقة المطلوب تركها ، فيترتّب عليه الثواب وإن تعقبه نقيض الترك في الأزمنة المتأخّرة.
وممّا يرشد إلى ذلك صدق الامتثال عرفا وفي نظر العقلاء بما يتحقّق من الترك في المحرمات كائنا ما كان من دون أن يكون مراعى على وصول آخر أزمنة العمر مع انتهاء الترك إليه.
الثاني : إذا دار الأمر في النهي بين حمله على التحريم مع عدم الدوام أو على الكراهة مع الدوام فالمتعيّن على المختار هو الأوّل ، لأولويّة التقييد بالقياس إلى المجاز ، وأمّا على غيره وهو الوضع للتكرار فقد يقال : بلزوم الوقف لدوران الأمر حينئذ بين مجازين لا ترجيح بينهما ، إلاّ أن يقال : بكون الكراهة في النهي أشيع من غير الدوام فيكون الثاني أولى بالترجيح.
الثالث : إذا علم بعدم إرادة الدوام من نهي مخصوص ودار الأمر في حمله بين ما هو أقرب إلى الدوام وغيره فالمرجع فيه على المختار ـ بناء على التحقيق ـ هو الاصول العمليّة من براءة أو اشتغال ، والأوّل أقرب لرجوع الشبهة إلى الشكّ في التكليف كما لا يخفى ، إلاّ على احتمال ارتباط التروك بعضها ببعض في تعلّق الطلب بها ، وأمّا على القول بالوضع للدوام فقد يقال : بلزوم حمله على الأقرب تعليلا بما تقرّر عندهم من وجوب