الخالية عن اللام والتنوين وهي حقيقة في الماهيّة لا بشرط شيء (١) ولا يزيد الهيئة على المادّة إلاّ الطلب الحتميّ التحريمي أو الإيجابي ، والأصل عدم شيء آخر فمن يدّعيه فعليه بالبيان (٢).
وجوابه : يظهر ممّا مرّ ، وحاصله : أنّه عند التحقيق أدلّ على خلاف ما ادّعاه ، فإنّ الماهيّة في إيجادها قد تلاحظ بشرط الدوام ، وقد تلاحظ بشرط الدفعة كما لو اعتبرت مقيّدة بوقت خاصّ ، وقد تلاحظ لا بشرط شيء منهما ، وفي تركها أيضا قد تلاحظ بشرط الدوام وقد تلاحظ بشرط الدفعة وقد تلاحظ لا بشرط شيء منهما ، وما ذكر إنّما يصلح حجّة على من يدّعي وضع النهي لطلب ترك الماهيّة مقيّدا بالدوام على وجه رجع القيد إلى الترك لا إلى الماهيّة ، والمنع عن ذلك مسلّم ولكن لا يلزم من مجرّد ذلك عدم افادته الدوام ، إلاّ إذا ثبت وضعه لطلب ترك الماهيّة مقيّدة بالدوام (٣) أو الدفعة أو لطلبه مقيّدا بالدفعة ، وكل ذلك منفيّ بما قرّره المستدلّ ، ووضعه لطلب ترك الماهيّة المطلقة لا بشرط الإطلاق والتقييد ـ على ما اعترف به ـ يستلزم الدوام بالوجه الّذي قرّرناه بلا شبهة ، غايته عدم كون الدلالة وضعيّة وهي ليست بلازمة بعد اتّحاد المفاد.
ومنها : ما أشار إليه بعض الأعلام أيضا واعتمد وحكى في المفاتيح عن التهذيب والمعارج من أنّ النهي ورد تارة للتكرار كقوله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى )(٤) وقد ادّعى الإجماع على استعماله فيه في النهاية والمنية ، واخرى لغيره كقول الطبيب : « لا تشرب اللبن » و « لا تأكل اللحم » فيلزم أن يكون حقيقة في القدر المشترك دفعا للاشتراك والمجاز.
وجوابه : أنّا لا نمنع استعماله في غير التكرار ولا عن حمله عليه حيثما ثبت قرينة عليه من العرف أو غيره ، ونهي الطبيب مقرون بقرينة عرفيّة على إرادة الترك حال المرض ، ولا يلزم منه كون النهي المجرّد غير مفيد للتكرار.
مع أنّه إنّما يتّجه لو رجع القول بالتكرار إلى دعوى التجوّز في الدفعة حيثما ورد لها ، وهو في حيّز المنع بعد ملاحظة رجوع الدفعة إلى اعتبار التقييد في الماهيّة الغير الملازم للتجوّز.
مع أنّ مرجع الاستعمال فيهما بملاحظة ما قرّرناه إلى استعماله في الكلّي والفرد ومن
__________________
(١) أي لا بشرط شيء من قيدي المرّة والتكرار بمعنى الدفعة والدوام ، أو بمعنى زمان مّا وكلّ زمان من أزمنة العمر. ( منه عفي عنه ).
(٢) ومن يدّعي المطلوب ترك الماهيّة مقيّدة بالدوام مدّع لخلاف الأصل فعليه بإثبات ذلك بالدليل.
(٣) كذا في الأصل.
(٤) الإسراء : ٣٢.