ولو اريد به أنّه لا يقضي بأزيد من الجزئيّة ولو بعنوان الظهور.
ففيه : أنّ الظهور لو اريد به ما يستند إلى نفس اللفظ ووضعه فانتفاؤه مسلّم ، لكنّه لا ملازمة بينه وبين انتفاء مطلق الظهور ، ولا يلزم منه كون مفاد القضيّة هو الجزئيّة.
ولو اريد به مطلق الظهور ولو استند منه إلى خارج من اللفظ فمنعه واضح ، لوضوح الفرق بين طلب ترك مطلق الطبيعة وطلب ترك الطبيعة المطلقة ، وموضوع البحث هو الثاني ، وما ذكر من طلب تركها في الجملة من مفاد الأوّل ولا كلام فيه ، والعقل بعد ملاحظة إطلاق الطبيعة المأخوذة في القضيّة من غير لحوق قيد زماني بها يقضي بعدم تأتّي امتثال النهي عنها إلاّ بتركها في ضمن جميع أفرادها.
ودعوى أنّ ترك جميع الأفراد ممّا يتأتّى في آن واحد ولا يقتضي ذلك دوام الترك.
يدفعها : أنّ الطبيعة يفرض لها الأفراد من جهات عديدة واعتبارات شتّى ، فتارة من جهة أحوال المكلّف ، واخرى من جهة الامور الخارجة والاعتبارات اللاحقة ، وثالثة من جهة الأمكنة ، ورابعة من جهة الأزمنة وهكذا ، فإذا فرض ورودها في الخطاب مطلقة من جميع تلك الجهات استلزم طلب تركها ترك الأفراد الحاصلة لها بأجمعها في كلّ من تلك الجهات ، واذا فرض لحوق قيد بها في بعض تلك الجهات كما لو قال : « لا تزن حال الطهارة ، أو بهذه المرأة ، أو عند زوال الشمس ، أو حال مجيء زيد ، أو في المسجد ، أو يوم الجمعة » خرجت عن إطلاقها في خصوص محلّ القيد وبقي الإطلاق بالقياس إلى الجهات الاخر على حاله.
ومفروض المقام إطلاقها بالنسبة إلى الأزمنة فيجب الأخذ به المقتضي للعموم والدوام ، واعتبار العموم فيها بالقياس إلى الجهات الاخر لا ينفي العموم بالقياس الى تلك الجهة ، كيف وأنّ العموم المذكور الّذي يسلّمه المورد لا داعي إلى اعتباره إلاّ الإطلاق القائم بالطبيعة بالنسبة إلى الجهة المشخّصة لها الّتي يضاف إليها ذلك العموم وهو بعينه موجود في المتنازع فيه والفرق تحكّم ، فيجب إمّا أن لا يقال بالعموم أصلا أو لا يفرق فيه بين شيء من الجهات المذكورة الّتي منها محلّ البحث.
فبالتأمّل في جميع ما قرّرناه من البداية إلى تلك النهاية يتبيّن أنّ الحقّ عندنا وفاقا للأكثرين اقتضاء النهي المجرّد لدوام الترك بدلالة عقليّة التزاميّة من باب الإشارة المستندة إلى أمر عدميّ يعبّر عنه بالإطلاق ، والدليل عليه ما قرّرناه في تضاعيف الكلمات السابقة.