قيد « الدوام » و « اللادوام » لأنّه عامّ والعامّ لا يدلّ على الخاصّ.
أقول : إنّما يتّجه ذلك إذا كان المقصود بالاستدلال أخذ « الدوام » قيدا للماهيّة المنهيّ عنها ، نظرا إلى أنّ النهي بمجرّده كما لا يدلّ على قيد « اللادوام » فكذلك لا يدلّ على قيد الدوام ولكنّه ليس بلازم لجواز رجوعه إلى التمسّك بما فيها من الإطلاق وهو ليس قيدا كما عرفت ليقابله قيد اللادوام ويوجب عدم صلاحية الدلالة عليه.
نعم يتوجّه إليه عدم كون تلك الدلالة لفظيّة مستندة إلى الوضع إن كان ذلك هو المقصود بالاستدلال.
ومن الأعلام من أورد عليه أيضا : « بأنّ ذلك لا يفيد ذلك ولو كان مدخول الطلب التحريمي الماهيّة بشرط الوحدة (١) أو بشرط العموم المجموعي أيضا (٢) مع كونهما مفيدين للعموم في الجملة فضلا عمّا لو كان المدخول هو الطبيعة المطلقة كما هو القدر المسلّم في مبدأ الاشتقاق ، إذ كما أنّ المطلوب يحتمل الإطلاق والتقييد كذلك الطلب يحتملهما ، فكما يصحّ أن يقال : أطلب منك عدم الزنا الحاصل ما دام العمر ، أو عدم الزنا في شهر أو سنة ، كذلك يصحّ أن يقال : أطلب دائما ، أو في شهر ، أو سنة ترك الزنا ، ولا دلالة في اللفظ على أحد التقييدين ، فطلب ترك الطبيعة إنّما يقتضي ترك جميع أفراد الطبيعة في الجملة لا دائما ، وأين المطلقة من الدائمة فلا يمكن اثبات الدوام والتكرار للنهي لا من جهة المادّة ولا من جهة طلب الترك » (٣).
وفيه : أنّ عدم دلالة اللفظ على أحد التقييدين مسلّم ، ولكن لا يلزم منه كون مفاده طلب ترك جميع أفراد الطبيعة في الجملة ، إذ لو اريد به أنّ القضيّة في النهي مهملة والمهملة في قوّة الجزئيّة.
ففيه : أنّه يناسب مذاق أهل الميزان من حيث إنّهم يقتصرون في مداليل الألفاظ على ما هو القدر المتيقّن ولا يلتفتون إلى ما عدا ذلك ممّا يساعد عليه الظهور ولو بضميمة الخارج ، فلا ربط له بطريقة أهل هذا الفنّ لكفاية مجرّد الظهور عندهم في صحّة الاستنتاج كما لا يخفى.
__________________
(١) القوانين ١ : ١٣٨.
(٢) بأن يكون المطلوب ترك الماهيّة في أحد الأزمنة على سبيل البدليّة ( منه ).
(٣) بأن يكون المطلوب ترك الماهيّة في مجموع الأزمنة من حيث المجموع ( منه ).