ومنها : ما عن العلاّمة أيضا في النهاية من أنّ ها هنا مقدّمتين :
إحداهما : أنّ المنهيّ عنه منشأ للمفسدة ولذا صحّ النهي عنه.
والثانية : الحكم ببقاء ما كان على ما كان إلى أن يظهر دليل.
أمّا الأوّل : فلما مرّ.
وأمّا الثاني : فلما يأتي من كون الاستصحاب (١).
وجوابه واضح ، لعدم انطباقه على المدّعى سواء رجع إلى دعوى الدلالة الوضعيّة أو مطلق الدلالة ، فإنّ المتنازع فيه إحراز الدلالة من اللفظ لتجدي في ثبوت حكم واقعي ، والاستصحاب طريق عملي أخذه الشارع مرجعا للمكلّف في مواضع الشكّ المتعقّب لليقين من غير مدخل له في مدلول الخطاب ولا كشفه عن الدلالة ولا المراد ، مع أنّه كما لا يجدي في ثبوت المدّعى فكذلك لا يجدي في دفع إلزام الخصم ، لأنّه مدّع لدلالة الخطاب على المرّة ، والأصل العملي لا يصلح معارضا للأصل اللفظي جزما ، بل لا مجرى له مع وجود الأصل اللفظي ، فالعمدة في المقام نفي ذلك الأصل لا إثبات ما لا يصلح معارضا له.
ومنها : ما عن العلاّمة أيضا في النهاية من « أنّ الاحتياط انتهاؤه دائما فتعيّن العمل به ، إذ مع تركه لا يأمن عن ارتكاب المحظور ».
وجوابه ـ بعد توجّه المنع إلى تعيّن العمل بالاحتياط لعدم وجوبه إلاّ في موضع القطع بالتكليف واشتباه المكلّف به ، ووجود القدر المتيقّن في البين بعدم دوران الأمر بين المحذورين والمقام ليس منه جزما ـ يظهر ممّا مرّ.
ومنها : ما قرّره المصنّف وحكي عن نهاية العلاّمة وشرح المبادئ وشرح المنهاج من أنّ النهي يقتضي منع المكلّف من ادخال ماهيّة الفعل وحقيقته في الوجود ، وهو إنّما يتحقّق بالامتناع من ادخال كلّ فرد من أفرادها فيه ، إذ مع ادخال فرد منها يصدق ادخال تلك الماهيّة في الوجود لصدقها به.
وردّه البهائي في الزبدة : بأنّه إن عنى دائما فمصادرة وإلاّ لم ينفعه.
وقريب منه ما ذكره في المنية من أنّ المنع من ادخال الماهيّة في الوجود قدر مشترك بين المنع من ادخال الماهيّة في الوجود دائما وبين المنع من ادخالها فيه لا دائما ، ولا دلالة لما به الاشتراك ـ وهو المنع من ادخال الماهيّة في الوجود مطلقا ـ على ما به الامتياز وهو
__________________
(١) كذا في الأصل.