دليل على أحدهما ، وحينئذ فلا يلزم من كون الترك في بعض الأوقات عاديّا العبثيّة على تقدير النهي ».
ومنها : ما عن العلاّمة في النهاية من أنّ قولنا : « لا تضرب » يمكن حمله على التكرار وقد دلّ عليه أيضا فيجب المصير إليه.
أمّا الاولى : فلإمكان امتناع الإنسان عن الفعل دائما من غير عسر.
وأمّا الثانية : فلأنّه لا خفاء في عدم دلالة الصيغة على الانتهاء في وقت دون وقت فإمّا أن يحمل على الكلّ ، أو لا يحمل على شيء وهو محال ، أو يحمل على البعض دون الآخر ويلزم منه الترجيح من غير مرجّح.
وفيه : ـ مع عدم نهوضه على إثبات الدلالة الوضعيّة إن كانت هي المقصودة بالاستدلال ـ أنّ هاهنا احتمالا رابعا وهو حمله على وقت مّا لا على التعيين ، ليكون مفاده التخيير في الانتهاء بين الأوقات.
وما يقال : من أنّ الانتهاء بهذا المعنى إنّما يتحقّق بدون النهي ، يدفعه : أنّ الثواب والعصيان لا يترتّبان إلاّ على النهي ، فربّما يكون غرض الناهي إيصال المنهيّ إلى الثواب أو إلزامه على كونه معه في مقام العصيان.
وممّا قرّرناه يندفع ما قرّره بعض الأعلام (١) من الاحتجاج انتصارا للقائل بالدوام من :
« أنّ طلب الترك وإرادة ترك الطبيعة منه في وقت غير معيّن إغراء بالجهل ، فوقوعه في كلام الحكيم يقتضي حمله على العموم » فإنّ محذور الإغراء بالجهل إنّما يلزم لو فرض الوقت الغير المعيّن عند المنهيّ معيّنا عند الناهي لا مطلقا ، واعتبار التعيين عند الناهي غير لازم على القول بعدم الدوام.
ومنها : ما عن العلاّمة أيضا في النهاية من : « أنّ النهي لو لم يكن للدوام لما ثبت تحريم الزنا والربا وغير ذلك من المنهيّات دائما ، والتالي باطل بالإجماع ».
وفيه : ـ مع أنّه لا يتوجّه إلى القول بالاشتراك لفظا ولا معنى ـ أنّ القائل بالمرّة لا يدّعي استحالة ورود النهي للدوام.
غاية الأمر أنّه يجعله حينئذ مستفادا منه بمعونة الخارج ، فلعلّ الدوام فيما ذكر من المنهيّات إنّما ثبت عنده من جهة الخارج من إجماع ونحوه.
__________________
(١) القوانين ١ : ١٣٨.