العموم وموضوعة له.
ويشكل ذلك أيضا : بمنع كون المأخوذ في موادّ الأفعال باعتبار الوضع النوعي الاشتقاقي نكرة إن اريد بها معناها المصطلح ، كيف وأنّ الموادّ كسائر أسماء الأجناس موضوعة للماهيّة لا بشرط شيء على ما سيأتي تحقيقه ، ولو اريد بها ما يرادف اسم الجنس فدعوى إفادتها في حيّز النفي للعموم مسلّمة ، لكن يتوجّه المنع إلى دعوى كونها موضوعة له ، فإنّ ذلك من لوازم نفي الماهيّة من باب دلالة الإشارة فلا يثبت به الدلالة الوضعيّة على ما هو المقصود بالاستدلال.
وقد يورد عليه أيضا : بأنّ غاية ما يستفاد من النكرة المنفيّة نفي جميع أفراد مدخول النفي لا النفي من جميع الجهات ، فقوله : « لا تضرب » يفيد طلب ترك جميع أفراد الضرب في الجملة لا طلب تركه في جميع الأزمنة والأمكنة ، كما أنّ قوله : « لا رجل في الدار » يفيد نفي جميع أفراد رجل في الجملة لا في كلّ زمان.
وفيه ما لا يخفى من فساد ذلك التشبيه والتنظير ، فإنّ « لا رجل في الدار » بمقتضى وضع الجملة الخبريّة للحال ـ على ما ينساق منها في العرف والاستعمال ـ إنّما يفيد نفي أفراد ماهيّة الرجل في حال النطق ولا يتناول غيره ، وليس كذلك الحال في : « لا تضرب » فالقول بأنّه يفيد نفي جميع أفراد الضرب في الجملة إنّما يستقيم إذا فرض ورود النفي على الماهيّة مقيّدة بآن مّا والمفروض خلافه ، ولا ريب أنّ نفي الماهيّة المطلقة يستلزم نفيها في جميع الأزمنة والأمكنة وإلاّ كان نفيا للماهيّة المقيّدة.
لا يقال : كما أنّ المفروض عدم ورود النفي على الماهيّة مقيّدة بآن مّا ليكون مفاده النفي في الجملة ، فكذلك المفروض عدم وروده عليها مقيّدة بالإطلاق فلا يكون مفاده النفي دائما ، لعدم كون المراد بالإطلاق في وصف الماهيّة به ما يكون قيدا لها ، كيف وأنّ النفي ورد عليها لا بشرط شيء حتّى الإطلاق ، بل المراد به ما يلحقها من الأمر العدمي الناشئ عن عدم اعتبار قيد معها في الخطاب ، وهذا هو المقصود من الإطلاق الّذي يتمسّك به في سائر الموارد لتعميم الأحكام المعلّقة على الماهيّات بالقياس إلى أفرادها.
ومنها : ما عن العلاّمة في النهاية من انفهام التناقض في عرف اللغة بين قولنا : « لا تضرب » وقولنا : « اضرب » لاشتمال « لا تضرب » على كلّ مفهوم « اضرب » وزيادة حرف النهي ، وقولنا : « اضرب » يفيد المرّة فلو كان « لا تضرب » أيضا كذلك لم يتناقضا فيجب العموم.