حال الدليل وضعا أو دلالة ، ومرجعه ثمّة إلى حال المدلول وهو الحكم كائنا ما كان ، فيكون من المسائل العقليّة الواردة في الكتب الاصوليّة من باب المبادئ ، وبذلك يندفع الإشكال المتوهّم في بحث الأمر من جهة الفرق بين المسألتين ويرتفع الحاجة في دفعه إلى تكلّفات ارتكبوها ثمّة.
وثانيها : لا خفاء في أنّ المراد بالمرّة والتكرار هنا حيثما يعبّر بهما عن موضع البحث إنّما هو الدفعة وهو ترك المنهيّ عنه آنا مّا من آنات وقوعه ، والدوام وهو تركه في جميع آنات وقوعه إلى آخر العمر كما يعبّر بهما في كثير من العبائر ، فلا يراد بهما الفرد والأفراد ، بخلاف ما تقدّم في بحث الأمر من جريان الوجهين فيهما بإرادة الدفعة أو إيجاد فرد واحد من المرّة ، وإرادة الدفعات حسبما يقتضيه الإمكان عقلا وشرعا أو إيجاد أفراد متعدّدة متعاقبة إلى آخر ما يقتضيه الإمكان كذلك من التكرار ، ويمكن حملهما هنا على الفرد والأفراد أيضا وإن كان بعيدا بحمل الفرديّة على ما يتشخّص من الطبيعة المنهيّ عنها بآنات وقوعها ، فيراد بالمرّة ترك ما يتشخّص منها بآن مّا وهو أيضا نحو من الفرد ، وبالتكرار ترك ما يتشخّص منها بجميع آنات العمر وهو أيضا نحو من الأفراد ، غير أنّ مآله بالأخرة إلى المعنى الأوّل.
نعم ينبغي القطع بعدم كون المراد من المرّة فردا واحدا ولا من التكرار أفرادا متعدّدة ممّا يتمايز من الأفراد بسائر المشخّصات ، كما لو ترك الزنا بهذه المرأة خاصّة أو بها وبغيرها من المعيّنات ، فإنّ ذلك ممّا لا يكاد ينضبط مضافا إلى إفضائه على الثاني إلى التكليف بغير المقدور بل على الأوّل أيضا لو حصل الاشتغال حال الترك المذكور بالزنا بغير الامرأة المفروضة ، لخروج الترك المفروض حينئذ عن المقدوريّة بعدم القدرة على خلافه مع الاشتغال المذكور ، نظرا إلى أنّ المقدور ما يتساوى طرفاه كما هو المصرّح به في كلامهم.
ومن هنا يتبيّن وجه عدم المقدوريّة على الثاني ، فإنّ القدرة على ترك الأفراد المتعدّدة في جزء من آن وقوعه فرع القدرة على الإتيان بتلك الأفراد جميعا في ذلك الجزء من الزمان ، وهي منتفية بالبديهة فكذلك في عكسه.
وثالثها : هل النزاع في وضع النهي لإفادة الدوام على القول به أو لإفادة غيره على الأقوال الاخر ، أو في دلالته ولو بضميمة خارج إليه من عقل أو شرع أو عادة؟ وجهان ، من نهوض أكثر أدلّتهم الآتية على إثبات الوضع والتعبير به في كثير من مطاوي العبارات ، ومن