وقال قوم : بافادته الدوام والتكرار ، وهو القول الثاني للعلاّمة رحمه الله ، اختاره في النهاية ، ناقلا له عن الأكثر* (١) وإليه أذهب.
___________________________________
وعن الآمدي : ذهب إليه بعض الشاذّين ، وعن العضدي : قال به شذوذ.
ثمّ عن هؤلاء أنّهم افترقوا على مذاهب ثلاث :
أحدها : كونه محتملا للدفعة والدوام من باب الاشتراك المعنوي كما عرفته عن العلاّمة في التهذيب ، وربّما يحكى استفادته من المبادئ أيضا.
وثانيها : كونه محتملا لهما من جهة الاشتراك اللفظي كما عرفته عن السيّد المرتضى وعزي إلى السيّد ابن زهرة أيضا في الغنية.
وثالثها : كونه للدفعة خاصّة ، حكي التصريح لوجود هذا القول عن غاية المأمول في قوله : « إنّ القائلين بعدم الدوام منهم من ذهب إلى أنّه للمرّة فقط ، ومنهم من يجعله مشتركا بينها وبين التكرار بحيث يتوقّف العلم بأحدهما على دليل من خارج » ويلوح ذلك عن محكيّ عبارة الشيخ في العدّة وهو قوله : « الّذي يقوى في نفسي أنّ ظاهره يقتضي الامتناع مرّة واحدة وما زاد على ذلك يحتاج إلى دليل من إجماع وغيره » ويستفاد ذلك من بعض الأعلام أيضا.
(١) * ومثله في دعوى الأكثريّة ما في المنية والزبدة ، وعن العدّة كونه مذهب أكثر المتكلّمين والفقهاء ، وعزى إلى المحقّقين أيضا كما عن العضدي ، بل عليه دعوى اتّفاق العقلاء كما عن الإحكام وعليه البهائي بل عن شارح زبدته الفاضل والوافية والإحكام والمختصر وشرحه للعضدي ، فعلى هذا يرجع الاختلاف في المسألة إلى أقوال أربعة ، وربّما يحكى قول بالوقف كما في كلام بعض الأفاضل (١) عن الشيخ في العدّة حيث حكاه عن بعضهم فهو خامس الأقوال حينئذ.
وتحقيق القول فيها يستدعي رسم امور :
أحدها : أنّ البحث في هذه المسألة لا يغني عنه ما تقدّم من البحث في متعلّق الأحكام ، كما كان لا يغني عنه البحث عن المرّة والتكرار ، في الأمر بل لا يتداخل البحثان كما توهّم ذلك في بحث الأمر لاختلافهما موضوعا ومحمولا وأقوالا ، فإنّ مرجع البحث هنا إلى
__________________
(١) هداية المسترشدين ٣ : ٢٦.