وقال في النهاية : المطلوب بالنهي نفس أن لا تفعل. وحكى : أنّه قول جماعة كثيرة* (١). وهذا هو الأقوى.
___________________________________
ونقل عن ثاني الشهيدين أنّه قال : إنّ المطلوب بالنهي إنّما هو فعل ضدّ المنهيّ عنه ، فإذا قال : « لا تتحرّك » فمعناه اسكن ، لا التكليف بعدم الحركة لأنّ العدم غير مقدور عليه ، بل عن الغيث الهامع (١) أنّه عدّه من الأقوال بل عنه أنّه حكى ذلك عن الجمهور ، فعلى هذا يكون الأقوال في المسألة ثلاثيّة.
(١) * حكاه في المختصر عن أبي هاشم وكثير من الاصوليّين وعليه كافّة أصحابنا المتأخّرين.
وقيل : الفرق بين أن لا تفعل وبين الكفّ عن الفعل أنّ الأوّل يقارن الثاني قطعا ، بخلاف الثاني فإنّه لا يلزم أن يقارن الأوّل لجواز أن لا يفعل ولا يخطر بباله الكفّ.
وكيف كان فاضطربت عباراتهم في تفسير الكفّ ، فالمستفاد من بعض الأعلام هنا وفي بحث الضدّ أنّ المراد به ما يدخل في مفهومه الزجر والإكراه.
ويستفاد ذلك من غيره أيضا كما يستفاد عن محكيّ الفاضل الشيرازي في المفاتيح.
وقضيّة ذلك إمّا القول بعدم شمول النواهي لمن لا يتحقّق منه الكفّ بهذا المعنى كمن لا شوق له ولا ميل نفساني إلى فعل المنهيّ عنه ، فتكون النواهي كالأوامر المشروطة مشروطة على معنى اختصاصها بواجدي الشرط المذكور ، أو القول بأنّ النهي وإن كان مطلقا متناولا لجميع آحاد المكلّفين غير أنّه لو صادف الفاقد للشرط المذكور يجب عليه من باب المقدّمة تحصيله بالنظر في دواعي الشوق والأسباب المورثة للميل النفساني من تلذّذ وحظّ نفس أو انتفاع وكسب مال أو تشفّي قلب ، أو نحو ذلك ممّا يدعو الإنسان إلى الوقوع في المحرّمات ليتمكّن به عن الكفّ المطلوب منه حتما ، كما هو الحال في الأوامر بالنسبة إلى المقدّمات الوجوديّة لو صادفت من كان فاقدا لها حال التكليف.
وأنت خبير بما في كلّ من الوجهين من الوهن الفاحش ، لوروده على خلاف ضرورة العقل وسيرة العقلاء بل قاطبة الناس في جميع الامم وكافّة الأعصار والأمصار ، مع أنّ من الضروري توجّه التكليف بالنواهي إلى الأنبياء والأولياء والأئمّة المعصومين عليهمالسلام ومن الممتنع
__________________
(١) قال في الذريعة ج ١٦ ، ص ٨٥ : « الغيث الهامع في ذكر أدباء الاقليم الرابع » من ديار العجم والبحرين والحجاز ومصر والعراق والشام ـ للشيخ على الحويزى ، م ١٠٥٣ توجد في برلن كما في فهرستها ج ٦ ، ص ٤٧١ الخ ـ الحاكي هو الكلباسي صاحب إشارات الاصول ص ١٠٠.