وما يقال : من أن هذا مختصّ بمناهي الرسول صلىاللهعليهوآله ، وموضع النزاع هو الأعمّ ؛ فيمكن الجواب عنه : بأنّ تحريم ما نهى عنه الرسول صلىاللهعليهوآله ، يدلّ بالفحوى على تحريم ما نهى الله تعالى عنه. مع ما في احتمال الفصل من البعد ، هذا. واستعمال النهي في الكراهة شايع في أخبارنا المرويّة عن الأئمّة عليهمالسلام ، على نحو ما قلناه في الأمر* (١).
___________________________________
أيضا كذلك في التهذيب والمنية والزبدة والوافية وشرح المنهاج ، وقد يقال في تقريب الاستدلال : إنّ الانتهاء عن الشيء هو تركه والاجتناب عنه ، ووجوب الاجتناب عن الفعل ولزوم تركه إنّما هو مفاد الحرمة.
والجواب عنه : يظهر بالتأمّل فيما قدّمنا الإشارة إليه في دفع الاحتجاج بما تقدّم من البرهان ، فإنّ أقصى مفاد الآية بتقريب ما ذكر في توجيه الاستدلال أنّ المنهيّ عنه محرّم يجب الاجتناب عنه ، وهو مسلّم ولا يلزم منه ثبوت المطلوب ، إذ كون ما ورد فيه الصيغة المتنازع فيها هنا مجرّدة عن القرائن منهيّا عنه ، أوّل الدعوى (١) فلعلّها بمجردها لا تفيد النهي اللازم للتحريم ليجري فيه الآية ، وكون الصيغة ممّا يصدق عليه النهي قد عرفت منعه.
وأورد عليه أيضا ـ مضافا إلى ما أشار إليه المصنّف ودفعه بوجوه اخر تعرّض لذكرها بعض الأفاضل مع أجوبتها ومن يطلبها فليراجع كلامه في الهداية.
(١) * وقضيّة العبارة كون النهي عنده كالأمر من المجازات الراجحة المساوي احتمالها لاحتمال الحقيقة ، فيندرج بذلك حينئذ في عنوان المجازات حيثما ورد مطلقا.
ولا يذهب عليك أنّ الأجوبة الّتي ذكروها في منع هذه الدعوى ثمّة جارية هنا ، وهي على ما تعرّض لذكره في المفاتيح امور :
__________________
(١) ومحصّل هذا الكلام : أنّ الآية الشريفة لا تجدي نفعا إلاّ في إحراز كبرى كلّية وهي وجوب الانتهاء عن كلّ ما يصدق عليه النهي ، وظاهر أنّ مجرّد الكبرى لا يكفي في ثبوت النتيجة ، بل لا بدّ معها من انضمام صغرى مشتملة على موضوع وهو صيغة « لا تفعل » ومحمول وهو النهي ، بأن يقال : صيغة « لا تفعل » نهي ، وكلّ نهي يجب الانتهاء فيه ، فصيغة « لا تفعل » يجب الانتهاء [ فيه ] وهذه الصغرى ممّا لا تكاد تحصل ، لأنّ النهي ما أخذ في مفهومه التحريم والصيغة مشكوك حالها من هذه الجهة ، وهذا الشكّ يوجب الشكّ في الصدق وكونها من مصاديق النهي ومعه لا يمكن حمل النهي عليها ، فإذا تعذّرت الصغرى خرجت الكبرى الكلّيّة غير نافعة في إثبات المطلب ، فليتدبّر إن شاء الله. ( منه عفي عنه ).