سبحانه الانتهاء عمّا نهى الرسول صلىاللهعليهوآله ، عنه ؛ لما ثبت من أنّ الأمر حقيقة في الوجوب ، وما وجب الانتهاء عنه حرم فعله* (١).
___________________________________
وهو معنى كونه للتحريم.
وفيه : تسليم النتيجة مع المقدّمتين وعدم جدواه في إثبات المدّعى ، فإنّ الكلام إنّما هو في الصيغة والدليل جار في موضع انعقاد النهي ، فلم يلزم منه كونها بحسب الدلالة الوضعيّة موجبة لانعقاده كما لا يخفى.
وأورد عليه أيضا : بأنّ أقصى ما يثبت بذلك حمل النواهي الشرعيّة على التحريم وهو أعم من وضعها له شرعا فضلا عن الوضع له لغة ، ويظهر ضعفه بأدنى تأمّل فإنّ نظر المستدلّ في المقدّمة الاولى إلى دعوى كون فاعل المنهيّ عنه عاصيا في نظر العرف وهو كاشف عن الوضع لما يوجب استحقاق العقاب وهو التحريم.
ومنها : ما حكاه في المفاتيح والهداية من أنّ الأمر للوجوب فيلزم أن يكون النهي للتحريم لعدم القول بالفصل.
وفيه : أنّ عدم القول بالفصل ما لا يعبأ به في اللغات وإن أفاد الظنّ ، فإنّ مطلق الظنّ غير ثابت الحجّيّة فيها وإن اشتهر القول به فيما بينهم.
ومنها : ما اعتمد عليه في المنية أيضا وحكاه في الهداية عن غير واحد من العامّة من أنّ الصحابة تمسّكوا في تحريم أشياء بمجرّد النهي عنها ولم يخالف منهم أحد فكان إجماعا وإجماعهم حجّة.
وفيه : أنّ حجّيّة الإجماع من باب التعبّد كما عليه طريقة العامّة غير ثابتة في اللغات ومن باب الكشف غير نافعة فيها ، والكلام في حكاية الظنّ كما تقدّم.
نعم لو قرّر الاحتجاج بذلك بأنّ تمسّكهم بها ممّا يكشف عن فهمهم التحريم وهم من أهل اللسان فكان فهمهم حجّة كاشفا عن الوضع كان له وجه ، نظرا إلى أنّ التبادر قد يكون كشفيّا غايته افتقاره إلى ضمّ أصل إليه لنفي الاحتمال كما في التبادرات الوجدانيّة.
وقد يورد عليه أيضا بما لا وقع له من أنّ [ ذلك ] ممّا لم يوجد في كلام من يوثق به عندنا ، ومن الأفاضل من جعل الاولى في الجواب عن ذلك أن يقال : إنّ أقصى ما يفيده ذلك ظهور النهي في التحريم وهو أعمّ من وضعه له ، ويظهر دفعه بما أشرنا إليه.
(١) * حكي الاستدلال به بعبارات متقاربة عن جماعة كالنهاية والمبادئ والمعراج ، كما وجدناه