« نسخت الوجوب » ونحوه. وهو كما يحتمل التعلّق بالجزء الّذي هو المنع من الترك ، لكون رفعه كافيا في رفع مفهوم الكلّ ، كذلك يحتمل التعلّق بالمجموع ، وبالجزء الآخر الّذي هو رفع الحرج عن الفعل ، كما ذكره البعض* (١) ، وإن كان قليل الجدوى ؛ لكونه في الحقيقة راجعا إلى التعلّق بالمجموع.
احتجّوا : بأنّ المقتضي للجواز موجود ، والمانع منه مفقود ؛ فوجب القول بتحقّقه. امّا الأوّل : فلأنّ الجواز جزء من الوجوب ، والمقتضي للمركّب مقتض لأجزائه** (٢).
___________________________________
وهذا على فرض تمامه يتوجّه إلى ما قرّرناه أيضا في إثبات جواز بقاء تجويز الفعل بعد نسخ الوجوب وإبطال مقايسة ذلك على الجنس العقلي الّذي يستحيل بقاؤه بعد زوال فصله.
ومحصّله : أنّ قصارى ما ثبت ممّا ذكرت في إبطال المقايسة هو إمكان بقاء الجواز بعد النسخ وهو لا يستلزم الوقوع على معنى بقاء الجواز فعلا ، بل لا بدّ فيه من المقتضى لبقائه ، فلا بدّ من إثبات المقتضي ، ولأجل توجّه هذه المناقشة تصدّى أهل القول بالبقاء لدفعها بالتعرّض لإثبات المقتضي ، غير أنّ كلماتهم حسبما نقلها المصنّف فيما بعد ذلك مختلفة ، فمنها ما يظهر منه أنّ المقتضي لبقاء الجواز هو الأمر الاوّل المثبت للوجوب.
ومنها ما يظهر منه أنّ المقتضي هو الأصل بمعنى استصحاب الحالة السابقة على النسخ ، وستعرف كليهما مع ما يرد عليهما وما لا يرد.
(١) * لا خفاء في فساد الاحتمال الأخير لإفضائه إلى تكليف ما لا يطاق ، لكون مؤدّاه مع ملاحظة بقاء المنع من الترك على حاله المنع من الفعل والترك معا ، فهذا الاحتمال مقطوع بانتفائه دفعا لذلك المحذور ، ولعلّه لأجل التفطّن بذلك قال : « وإن كان قليل الجدوى ، لكونه في الحقيقة راجعا إلى التعلّق بالمجموع » وحاصله : توجيه ما ذكره بعضهم من التعلّق بالجزء الآخر بإرادة التعلّق به مع فرض تعلّقه بالمنع من الترك لكونه مفروغا عنه في مسألة نسخ الوجوب لأنّ رفع المنع من الترك ممّا لا محيص من التزامه في نسخ الوجوب ، والكلام إنّما هو في تعلّقه بالجزء الآخر ورفعه أيضا وعدمه.
(٢) ** ظاهر هذا التقرير لإحراز وجود المقتضي مع ملاحظة ما ينقله فيما بعد ذلك ـ من أنّه ليس المدّعى ثبوت الجواز بمجرّد الأمر بل به وبالناسخ ، فجنسه بالأوّل وفصله بالثاني ـ