بل يرجع إلى الحكم الّذي كان قبل الأمر* (١).
___________________________________
نعم ها هنا على القول بعدم بقاء الجواز بعد نسخ الوجوب كلام آخر يأتي في شرح العبارة الآتية.
ومرجع النزاع إلى أنّ ما يقع من الشرع عند نسخ الوجوب هل هو رفع المنع من الترك وجواز الفعل معا ، أو رفع المنع من الترك مع إبقاء جواز الفعل؟ والقول ببقاء الجواز يرجع إلى دعوى ذلك ، والقول بالمنع يرجع إلى دعوى عدم إمكانه استنادا إلى أنّ الجنس لا بقاء له مع ارتفاع الفصل.
(١) * في هذا الكلام نوع اشتباه من حيث إنّ المراد بالحكم الّذي كان قبل الأمر هل هو الحكم الشرعي الّذي أثبته الدليل الشرعي في الواقعة واردا على الحكم العامّ العقلي كان هو الأصل في الأشياء قبل الشرع عند قائليه.
ولا يبعد دعوى ظهور العبارة في الأوّل كما فهمه بعض المحقّقين ، إذ من الجائز أن يكون الواقعة قبل أن يعرض لها الوجوب ممّا له أحد الأحكام الأربع ممّا عدا الوجوب قد ثبت بالدليل الوارد على الأصل الأوّلي.
وكيف كان فمن المحقّقين من اعترض على ما ذكره من رجوع الحكم الثابت قبل الأمر وقال : « الأقرب هو الأقرب ، لكن رجوع الحكم السابق المرفوع بالأمر لا دليل عليه. فالحقّ أنّه يصير من قبيل ما لا حكم فيه ».
وهذا مضافا إلى مناقشة اخرى في دعوى رجوع الحكم المذكور ـ من حيث إنّ الأمر قد لا يكون مسبوقا بحكم خاصّ آخر ، بأن يكون الحكم الثابت للواقعة في صدر الإسلام هو الوجوب ـ لا يخلو عن قوّة ، نظرا إلى أنّ رجوع ذلك الحكم الخاصّ يحتاج إلى دليل والنسخ اللاحق بالوجوب لا يصلح دليلا عليه ، خصوصا مع ملاحظة عدم بدليّة حكم آخر في النسخ فالأصل عدمه.
وقضيّة ذلك كون الواقعة ممّا لا حكم لها من الشرع بالخصوص.
فإن قلت : رجوع الحكم السابق ممّا لا يحتاج إلى دليل آخر ، بل يكفي فيه دليله الّذي أوجب ثبوته أوّلا في عوده ، وإنّما يحتاج إلى الدليل رفع المانع وهو الوجوب الثابت مكانه بالدليل الثاني وهو مفروض الارتفاع بواسطة دليل النسخ. فلا مناص من عود الحكم