يعلم أنّه لا يتمكّن. فالرسول صلى الله عليه وآله حاله كحالنا إذا أعلمنا الله تعالى حال من نأمره ، فعند ذلك نأمر بلا شرط ».
قلت : هذه الجملة الّتي أفادها السيّد ـ قدس الله نفسه ـ كافية في تحرير المقام ، وافية بإثبات المذهب المختار* (١) ، فلا غرو إن نقلناها بطولها ، واكتفينا بها عن إعادة الاحتجاج على ما صرنا إليه.
___________________________________
(١) * هذا مصير من المصنّف إلى ما حقّقه السيّد في مسألة التعليق بزعم أنّ ما عنون به من المسألة المعروفة راجع إليها. وقد عرفت ضعفه بما لا مزيد عليه.
وكيف كان فينبغي العود إلى تحقيق الحال في المسألة المعبّر عنها بـ « أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرط وقوعه » بناء على ما استظهرناه من كون « الأمر » مرادا به المطلق المنجّز ، ورجوع النزاع إلى نفي شرطيّة شروط الوقوع لصحّة التكليف وإثباتها.
فنقول : إن أراد المجوّزون للأمر مع العلم بانتفاء الشرط أنّه لا دليل من عقل ولا شرع على كون شروط الوقوع العقليّة أو الشرعيّة شروطا لصحّة التكليف موجبة لتقييد الوجوب بحالة وجودها ، بل يجوز تعلّق التكليف والوجوب بمن فقدها حتّى أنّه يكون مأمورا بإيقاع الفعل كما أنّ الواجد لها مأمور به ، ومرجعه إلى كون الفعل مطلوبا على كلا تقديري وجود الشروط وانتفائها كما يساعد عليه الثمرات المذكورة في الباب.
ففيه : أنّ الدليل على الشرطيّة من جهة العقل أو الشرع موجود ، لاستقلال [ العقل ] بقبح التكليف بغير المقدور ، بل هو من ضروريّات العقول وعليه إجماع العدليّة ، وهو المستفاد من قوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها )(١) و ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ )(٢) وقوله صلىاللهعليهوآله : « رفع عن امّتي تسعة » (٣) إلى آخره وقوله صلىاللهعليهوآله : « إنّي بعثت على الملّة الحنيفيّة السمحة السهلة » (٤) وفحوى الأدلّة النافية للعسر والحرج وغير ذلك من الآيات والروايات.
وإن أرادوا أنّ الأمر بما انتفى عنه شروط الوقوع لمّا كان صحيحا لمجرّد الابتلاء فيكشف ذلك عن عدم كونها من شروط التكليف ، وإلاّ لزم أن لا يصحّ التكليف الابتلائي ،
__________________
(١) البقرة : ٢٨٦.
(٢) الأنفال : ٤٢.
(٣) الوسائل ١١ : ٢٩٥ ، الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس وما يناسبه ، ح ١.
(٤) الكافي ٥ : ٤٩٤ ، ح ١.