فأمّا العالم بالعواقب وبأحوال المكلّف ؛ فلا يجوز أن يأمره بشرط » * (١).
قال : « والّذي يبيّن ذلك أنّ الرّسول صلى الله عليه وآله لو أعلمنا أنّ زيدا لا يتمكّن من الفعل في وقت مخصوص ، قبح منّا أن نأمره بذلك لا محالة. وإنّما حسّن دخول الشرط فيمن نأمره فقد علمنا بصفته في المستقبل. ألا ترى أنّه لا يجوز الشرط فيما يصحّ فيه العلم ولنا إليه طريق نحو حسن الفعل** (٢) ، لأنّه ممّا يصحّ أن نعلمه ، وكون المأمور متمكنا لا يصحّ أن نعلمه عقلا ؛ فاذا فقد الخبر ، فلا بدّ من الشرط ، ولا بدّ من أن يكون أحدنا في أمره يحصل في حكم الظانّ لتمكّن من يأمره بالفعل مستقبلا ، ويكون الظنّ في ذلك قائما مقام العلم. وقد ثبت أنّ الظنّ يقوم مقام العلم إذا تعذّر العلم. فأمّا مع حصوله ، فلا يقوم مقامه. وإذا كان القديم تعالى عالما بتمكّن من يتمكّن ، وجب أن يوجّه الأمر نحوه ، دون من
___________________________________
للجزاء فيقصد الآمر بالتعليق إفادة للسببيّة ، وذلك كما لو قال أحد للمعصوم عليهالسلام : « أفطرت في نهار رمضان » فقال عليهالسلام : « إن أفطرت في نهار رمضان فكفّر » يقصد بذلك تنبيهه على أنّ علّة توجّه الكفّارة إفطاره ليندم عن فعله ويلوم نفسه.
فتبيّن ممّا ذكرنا أنّ إطلاق المنع والجواز في تعليق العالم بالعواقب غير سديد ، بل الحقّ هو التفصيل حسبما بيّنّاه ، والظاهر أنّ مرجعه إلى ما تقدّم من القول الثالث وهو التفصيل بين وجود الفائدة وعدم وجودها.
(١) * قد عرفت أنّ إطلاق هذا المنع غير مسلّم ، والمسلّم منه صورة وجود الشرط في الجملة حين الخطاب وصورة انتفائه مع عدم لحوقه فيما بعد أصلا ، وأمّا صورة الانتفاء مع العلم باللحوق فلا مانع من الأمر بشرط تنبيها على اختصاص الوجوب بما بعد وجود الشرط وانتفائه بدونه ، وإن كان ذلك في موضع علم المأمور بالاشتراط بحكم العقل كالحياة والقدرة وعدم منع مانع ، فإن غاية ما هنالك ورود الشرط في كلامه من باب التأكيد ولا ضير فيه.
(٢) ** فيه منع واضح ، فإنّا لا نرى قبحا في تعليق الجاهل وإن تمكّن من العلم وكان له طريق إليه.
وقد سبق عن بعض الفضلاء عند تحرير العنوان اعتراض عليه وهو في محلّه.