يستحقّ تاركه العقاب ، أو الوجوب العقلي الناشئ منه الطلب الإنشائي وهو كون الفعل بحيث يستحقّ تاركه الذمّ ، أو يراد من التعليق جعل الطلب الإنشائي متعلّقا بالموضوع المقيّد وقوعه بوجود الشرط ، كما ورد لهذا المعنى ما في قولهم في مباحث المفاهيم : « تعليق الحكم بالشرط أو بالوصف أو بالغاية » أو بغيرها ممّا هو معنون في المباحث المذكورة.
والأصل فيما ذكرناه ـ كما قرّرناه في مبحث الواجب المشروط والواجب المعلّق ونفي الفرق بينهما من بعض رسائلنا ـ أنّ الشرطيّة ترد لإفادة التعليق خبريّة كانت أو إنشائيّة ، والتعليق لا يقع قطّ على حكم القضيّة خبريّا كان أو إنشائيّا ، فكما أنّ المخبر في نحو : « إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود » بإسناده الوجود إلى النهار على تقدير طلوع الشمس [ يربط ] نسبة الوجود إلى النهار بنسبة الطلوع إلى الشمس فيقع الإسناد منه منجّزا ، ويبقى النسبة الخارجيّة المأخوذة في التالي معلّقة في تحقّقها الخارجي على طلوع الشمس ، ومعناه : كون وجود النهار في وقوعه مراعى بطلوع الشمس وموقوفا عليه ، فكذلك المنشئ في نحو : « إن جاءك زيد فأكرمه » بطلبه إكرام زيد على تقدير مجيئه يربط وقوع الإكرام في الخارج بوجود المجيء فيقع الطلب منجّزا والمطلوب معلّقا ، فإنّ الطلب في الإنشاء بمنزلة الإسناد في الخبر ، وكما أنّ الإسناد في الخبر نسبة في المتكلّم فيه ولا تعليق فيها فكذلك الطلب في الإنشاء نسبة في المتكلّم فلا تعليق فيها ، فالتعليق دائما يقع على موضوع الحكم لا على نفسه خبريّا كان أو إنشائيّا.
وحينئذ فالمكلّف الّذي هو السامع في الخطاب بالشرطيّة المفيدة للتعليق إمّا فاقد للشرط المعلّق عليه حال الخطاب أو واجد له ، والأوّل إمّا أن يكون بحيث يلحقه الشرط ويوجد له في الأزمنة المتأخّرة أو يكون بحيث لا يلحقه الشرط أصلا فالصور ثلاث :
أمّا الصورة الاولى : وهي فقدان المكلّف للشرط مع كونه بحيث يلحقه في الزمان المتأخّر ، فلا ينبغي التأمّل في صحّة التعليق فيها من الآمر الحكيم سواء كان عالما بفقدان الشرط ولحوقه في الزمان المتأخّر أو جاهلا بهما أو بالثاني منهما ، ولا مانع منه من سفه أو لغويّة أو غير ذلك ، وفائدته تنبيه المخاطب على كون وقوع الفعل المعلّق على وجود الشرط مطلوبا بعد وجود الشرط ، ويقال له : « المنطوق » وعدم كونه مطلوبا بدون وجوده ويقال له : « المفهوم » وهذا هو التعليق الحقيقي وحقيقة الجملة الشرطيّة ، حتّى أنّ المحقّقين من أهل القول بحجّيّة مفهوم الشرط ـ ومنهم بعض الأعلام ـ علّلوا الحجّيّة بظهور الشرطيّة