« إنّ التعليق على ما يفهم منه هنا ممّا لا يصحّ على العالم بالعواقب ولا يحسن الشرط منه على ظاهره » (١) غير أنّه خالفه في السند حيث علّله بظهور التعليق في الجهل وهو ينافي العلم ، حتّى أنّه التزم بتأويل الاشتراط الّذي يكثر وقوعه في خطابات الشرع ، فقال : ينحلّ الاشتراط حينئذ إلى حكمين مطلقين ثبوتيّ بالنسبة إلى الواجد وسلبيّ بالنسبة إلى الفاقد » (٢) وتبعه مختارا ودليلا بعض الأعاظم حتّى أنّه صرّح بعدم الفرق في ذلك بين كون الشرط حاصلا أو لا ، إذ على تقدير وجوده يلغو الشرط كما أنّه على تقدير العلم بعدم وجوده يلغو الأمر ، غير أنّه استثنى صورة فقال : « نعم يمكن وروده لحكمة ومصلحة اخرى وهي غير عزيزة ولا كلام فيه ، ولكنّه خلاف الظاهر » (٣) وفي الجميع نظر يظهر وجهه فيما بعد.
ثانيها : الصحّة مطلقا ، محكيّ عن المدقّق الشيرواني ووافقه بعض الفضلاء فقال : « إن أرادوا أنّه في نفسه غير جائز فممنوع ، إذ لا ريب في أنّ الفعل قد يكون بحيث لو وجد الشرط لكان مطلوبا ، وظاهر أنّ مفاد الأمر على وجه الاشتراط لا يزيد على ذلك ، فلا بأس بالكشف عن هذا المعنى بطريق الأمر مع التعليق ، ولا فرق في ذلك بين التصريح بالاشتراط حال [ الأمر ] أو بعدها أو التعويل على دلالة العقل ، وإن أرادوا أنّ الأمر حال العلم بعدم الشرط ممّا لا فائدة فيه فيكون سفها فهو على إطلاقه ممنوع اذ قد يترتّب عليه فوائد وتسرية المنع إلى الجاهل المتمكّن من تحصيل العلم بالشرط على الإطلاق أوضح فسادا ، إذ قد يكون الأمر بالشرط أسهل من الاستعلام فيرجّح عليه.
وأمّا ما تمسّك به السيّد من أنّ الشرط إنّما يحسن ممّن لا يعلم العواقب فلا نرى منه ذلك إلاّ مجرّد دعوى ، إذ لا شاهد عليها لا عقلا ولا نقلا ، وقد ورد التعليق على الشرط في الكتاب في مواضع كثيرة ، كقوله تعالى : ( إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا )(٤) و ( إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ )(٥) و ( إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ )(٦) و ( إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ )(٧) إلى غير ذلك » (٨).
وفي ضوابط ابن عمّنا قدسسره بعد ترجيح الجواز في موضع وجود الثمرة استظهار عدم كون ذلك النزاع نزاعا في الكبرى ، بل هو نزاع في الصغرى راجع إلى وجود الفائدة وعدمه مع التعليق ، فمع وجودها اتّفق الكلّ على الجواز والمنكر إنّما ينكر وجود الفائدة ، مع التصريح بأنّ الحقّ وجودها وهي أنّ التعليق أربط بالابتلاء وأتمّ لإتمام الحجّة والامتحان.
__________________
(١ و ٢) القوانين ١ : ١٢٤.
(٣) إشارات الاصول : ٨٨.
(٤) المائدة : ٦.
(٥) البقرة : ٢٢٩. (٦) النساء : ٢٠.
(٧) البقرة : ٢٨٠. (٨) الفصول : ١١٠.