وهو كما ترى.
ومنها : ما فيهما أيضا ممّا قرّره في شرح العضدي من أنّه لو ثبت المفهوم لما ثبت خلافه.
أمّا الملازمة : فلأنّه لو ثبت لثبت التعارض بين الدليلين : دليل المفهوم ودليل خلافه وهو منتف بحكم الأصل.
وأمّا انتفاء اللازم ، فلثبوت خلافه في مثل : ( لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً )(١) فإنّ قوله : ( أَضْعافاً مُضاعَفَةً ) في معنى الوصف وقد تحقّق التحريم عند انتفائه فإنّ أكل الربا حرام وإن لم يكن أضعافا مضاعفة.
واجيب عنه أوّلا : بمنع الملازمة في أصل الدليل ، لجواز أن يكون المفهوم حقّا وثبت خلافه أحيانا بناء على دليل قطعي [ و ] لا يعارضه دليل المفهوم لكونه ظنّيّا.
وثانيا : بمنع انتفاء اللازم ، لجواز أن يثبت التعارض لقيام دليل عليه وإن كان الأصل عدمه.
ومنها : ما اعتمد عليه بعض الأعاظم من أنّ الأوصاف موضوعة لذوات ما ثبت له الأوصاف كالجوامد بالنظر إلى مدلولاتها بلا مرية ، مثلا « السائمة » لذات ما ثبت له الوصف كما أنّ أسماء الأجناس موضوعة لمعانيها الكليّة ، فإذا تعلّق الحكم بالأوصاف اقتضى ثبوته لها كالجوامد من دون فرق ، فكما لا يستلزم في الجوامد نفي الحكم فكذلك الأوصاف.
نعم استعمال الأوصاف فيما يستلزم النفي من باب إطلاق المطلق في المقيّد أحيانا يورث احتمالا وإشعارا ، بخلاف الجوامد فإنّها لم تستعمل في ذلك قطّ ولذا لا احتمال فيها ولا إشعار.
وفيه : أنّ ذلك ـ مع أنّه راجع إلى القياس ـ إنّما يتّجه إذا كان النفي عند القائل بالدلالة عليه من مقتضيات الوضع الإفرادي للوصف وهو غير ظاهر منه ولا من غيره ، بل ظاهرهم عنوانا ودليلا كون كلامهم في مقتضى الهيئة التركيبيّة المشتملة على وصف وموصوفه مذكورا أو مقدّرا ، فلم لا يجوز أن يكون الهيئة لها وضع نوعيّ متعلّق بها لغة أو عرفا؟ كما يومئ إليه استنادهم إلى التبادر ونحوه ، ولا يقاس عليه الهيئة المشتملة على الجوامد ، لأنّ الوضع لا يعرف بالقياس ، فيجوز أن لا تكون تلك الهيئة موضوعة لإفادة النفي بخلاف محلّ البحث.
وبذلك ينقدح الوهن فيما نقله في المفاتيح ممّا يقرب ممّا ذكر من أنّ الصفة كالإسم في أنّ الغرض في وضعها التمييز والتعريف ، وكما أنّ زيدا وضع ليمتاز عن عمرو فكذا
__________________
(١) آل عمران : ١٣٠.