وفيه ، أنّ إمكان التعبير عن التركيب التوصيفي بالتركيب الشرطي إن اريد به صحّته في موضع قيام قرينة على إرادة العلّيّة من الوصف فهو غير مجد ، إذ لا كلام لأحد في مفهوم الوصف حيث ورد التوصيف للتعليل ، لضابطة أنّ انتفاء العلّة علّة لانتفاء المعلول المساوي لها.
وإن اريد به صحّته مطلقا فهو غير مسلّم ، إلاّ إذا جرّد التركيب الشرطي عن معنى العلقة السببيّة ومعه لا مفهوم في شيء من التركيبين.
ويمكن أن يقال : إنّ مجرّد صحّة التعبير المذكور تنهض قرينة على تجريد التركيب الشرطي عن معنى العلقة السببيّة أو على القصد بالتوصيف إلى التعليل.
ثمّ إنّه نقل الاحتجاج على هذا القول بوجوه اخر واهية واضحة الدفع :
منها : ما في المختصر وشرحه من أنّه : لو ثبت أنّ تعليق الحكم بالصفة يدلّ على نفيه عمّا عداها لثبت بدليل ، إذ الحكم بثبوت الشيء من غير دليل باطل ، والتالي لازم الانتفاء ، لأنّ الدليل إمّا أن يكون عقليّا أو نقليّا ، والأوّل باطل إذ لا مجال للعقل في الدلالات الوضعيّة ، والثاني باطل لأنّ النقل افادته مشروطة بالتواتر ، إذ الآحاد لا تفيد إلاّ الظنّ والظنّ غير معتبر في إثبات اللغة ، والتواتر غير متحقّق وإلاّ لم يقع الخلاف.
وجوابه أوّلا : النقض بتعليق الحكم على الشرط الّذي صار المستدلّ إلى دلالته على النفي.
وثانيا : أنّ الدلالة إذا كانت عقليّة ـ كما عليه بعضهم ـ تثبت بالدليل العقلي ، وعليه مبنى الاستدلال بلزوم اللغويّة والعراء عن الفائدة ، والقدح فيه بمنع صغراه لكثرة الفوائد ويكفي احتمال بعضها غير دعوى عدم المجال للعقل.
وثالثا : أنّ الدلالات الوضعيّة تثبت بالتبادر وفهم العرف وغيرهما من أمارات الوضع الّتي هي أيضا أدلّة عقليّة ، ولكن إنّية لكونها معلولات للوضع ، والممنوع في الدلالات الوضعيّة إنّما هو العقل اللمّي لا غير.
وستعرف احتجاج أهل القول بالدلالة الوضعيّة بالتبادر وفهم العرف بالمعنى الأعمّ من فهم أهل العرف الحاضر وفهم أهل العرف القديم ، كما إليه مرجع التمسّك بعدّة من الأخبار حسبما يأتي ذكرها.
غاية الأمر كون هذا الدليل أيضا مخدوشا بما ستعرفه ، وهو غير ما ذكر في بيان بطلان التالي.
ومنها : ما فيهما أيضا من أنّه لو ثبت أنّ تعليق الحكم بالصفة يدلّ على نفيه عمّا عداها لثبت في الخبر ، والتالي باطل.