كان كذلك ، لكانت الدلالة بالمنطوق لا بالمفهوم ، والخصم معترف بفساده. وأمّا بالنسبة إلى الالتزام ، فلأنّه لا ملازمة في الذهن ولا في العرف ، بين ثبوت الحكم عند صفة* (١) ، كوجوب الزكاة في السائمة مثلا ، وانتفائه عند اخرى ، كعدم وجوبها في المعلوفة.
________________________________
ولا جزءه ضروريّ ، بل هو من البديهيّات الأوّلية فلا حاجة له إلى البرهان.
نعم يمكن الردّ ، بأنّه لو فرض المدلول المطابقي المجموع المركّب من الإثبات لمحلّ الوصف والنفي عن غيره ، كان النفي جزءا فدلّ التعليق عليه تضمّنا.
ولكنّه واضح الدفع : بأنّ مجرّد الاحتمال غير كاف في إثبات التضمّن على الوجه المذكور ، مع شهادة الاستقراء القطعي ببطلانه ، فإنّ الكلام الموجب بحسب الوضع لا يفيد إلاّ العقد الإيجابي والعقد السلبي زائد فيكون خارجا عن المدلول المطابقي.
(١) * اعترض عليه ـ كما في شرح المنهاج ـ : بأنّ ترتّب الحكم على الوصف يدلّ على كون الوصف علّة له ، وإذا دلّ على كونه علّة لزم منه انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف لزوما ذهنيّا ، لأنّ انتفاء العلّة ملزوم لانتفاء المعلول المساوي لها.
ويدفعه : منع الترتّب المقتضي للعلّيّة إذ لا دالّ عليه في الكلام ، فإنّ غاية ما في التعليق على الوصف أو التقييد به ـ على ما بيّنّاه في مفتتح المسألة ـ إنّما هو ربط الحكم بالوصف.
وقد عرفت أنّه أعمّ من الربط السببي والربط الموضوعي ، ومن الضروري عدم دلالة الأعمّ على الأخصّ ، ولا يقاس ما نحن فيه على الشرط ، لأنّه على ما عرفت مستفاد من أداة الشرط وهي بالوضع تفيد الترتّب بين الجزاء والشرط في الوجود ، ويلزمه انتفاء الجزاء بانتفاء الشرط وهذا هو معنى العلّيّة.
فحاصل سند المنع : هو فقد الدلالة على الترتّب المقتضي للعلّيّة ، لقصور مجرّد التعليق ـ بمعنى الربط ـ عن الدلالة.
وقد يقال ـ في دعوى الملازمة هنا أيضا ـ : بأنّ كلّ ما يمكن التعبير عنه بالتركيب التوصيفي يمكن التعبير عنه بالشرطي أيضا ، ولا يكون شيء من اللفظين في شيء من الصورتين مجازا ، والتركيب الشرطي يقتضي انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط ، فيكون التركيب التوصيفي أيضا مقتضيا لانتفاء الحكم عند انتفاء الوصف.