الأصحاب على شيء سوى ما ذكره الفاضل الأردبيلي رحمهالله من أنّ الظاهر أنّه رخصة ، واستدلّ عليه بما ورد من أنّ الحائض إن شاءت أن تغتسل غسل الجنابة قبل الانقطاع تغتسل ، قال : وهذا لا يدلّ على أنّ حال إمكان المتداخلين معا كيف الحال كما لا يخفى.
ولا يذهب عليك أنّ ما ذكرناه من تحقّق الامتثال يقتضي كونه عزيمة لأنّ بعد الامتثال لا معنى للاتيان به ثانيا كما هو الظاهر ، سواء كان الأمر للواحدة أو للطبيعة من غير وحدة ولا تكرار ، فحينئذ يتطرّق الإشكال في تعدّد الغسل للاحتياط لما فيه الخلاف في التداخل لحرمة العبادة الغير المتلقّاة من الشارع الغير الممتثلة بالأمر ، إلاّ أن يمنع كليّة هذه المقدّمة لعدم دليل عامّ عليها من الآية والرواية كما هو الظاهر وإنّما هي المشهورة في ألسنة القوم ، فلا يبعد إذن أن يقال : بعدم البأس في الإتيان بفعل أمر الشارع بنوعه على الكيفيّات المتلقّاة منه باحتمال أن يكون مراده احتياطا مع عدم الحكم بوجوبه أو ندبه » انتهى.
وقد يفصّل في المقام ويقال : بأنّه لو قلنا بتداخل الأسباب فالتداخل عزيمة ، لأنّ مآله ذلك إلى إنكار ثبوت التكليف بما زاد على الواحد ، أو إنكار التعدّد في المكلّف به وإن تعدّد التكليف.
ولو قلنا بتداخل المسبّبات فهو رخصة فيفتقر الامتثال إلى نيّة التعدّد فيما يفتقر إلى القصد والنيّة كالعبادات ، لمكان أخذه صدق الامتثال المفتقر إلى قصد الامتثال دليلا ، وأمّا فيما لا يفتقر إلى قصد الامتثال كالتوصليّات فدليل هذا القول ساكت عن ذلك.
وأنت خبير بأنّ إطلاق الحكم بالرخصة على القول بتداخل المسبّبات غير وجيه ، وإنّما يستقيم ذلك لو كان مراد القائل بذلك من صدق الامتثال ما لا ينافي بقاء التكليف بالنسبة إلى ما زاد على الواحد الّذي حصل الإتيان به.
فحينئذ يتوقّف ارتفاع ذلك التكليف أيضا على قصد امتثال الجميع ، وهذا كما ترى خلاف ما يظهر من هذا القائل ، بل ظاهره أنّ حصول الواحد يوجب قهرا سقوط التكليف عن الباقي كما في الكفائي ، كما يفصح عنه ما تقدّم عن الخوانساري من تعليل ما ادّعاه من العزيمة بقوله : « لأنّ بعد الامتثال لا معنى للاتيان به ثانيا » كما يظهر بأدنى تأمّل ، ولا ريب أنّ قضيّة ذلك صدق دعوى العزيمة.
وأمّا ما استشكل فيه المحقّق [ الخوانساري ] في قضيّة الاحتياط إلتفاتا منه إلى حرمة البدعة فليس على ما ينبغي ، لما قرّر في محلّه من أنّ عنوان الاحتياط لا يصادقه عنوان