فالندب القائم مقام الوجوب في أوّل الصور ليس مشاركا للوجوب في مصلحة واحدة وإلاّ لكان واقعا في طرف عرضه وهو خلاف الفرض ، فوقوعه في طرف طوله ممّا يفصح عن أنّ له مصلحة مرتّبة على خروج مصلحة الوجوب عن اقتضاء الوجوب أو انحطاطها عن مرتبتها الّتي كانت تقتضي معها الوجوب ، ومع ذلك كيف يمكن إجزاء النفل عن الفرض وبالعكس من جهة امكان اتّحاد المصلحة المعتبرة فيهما.
نعم إنّما يمكن ذلك في التوصّليات حسبما قرّرناه سابقا.
ويمكن أن يقال : بأنّ ذلك هو مقصود العبارة وإن كان لا يلائمه بعض ما فيها من الفقرات ، مع إمكان المنع عن ذلك أيضا من جهة أنّ المصلحة في أمثال هذه الأوامر ليست إلاّ المصالح المقتضية للأمر بما يتوصّل بها إليها من الغايات كالفريضة والنافلة وقراءة القرآن وما أشبه ذلك.
ولا ريب أنّ المصالح في تلك [ الأوامر ] مختلفة بالذات أو بالاعتبار ، فاختلاف الأوامر المتعلّقة بالوضوء في الايجابيّة إنّما نشأ عن اختلاف تلك المصالح وإن اتّحد المقصود في الجميع وهو حصول الطهارة ، فإنّ ذلك في الحقيقة ليس هو المصلحة الأصليّة في تلك الأوامر بل هو مقصود بالغير للتوصّل إلى ما هو المصلحة الأصليّة ممّا يترتّب على الفريضة والنافلة وقراءة القرآن.
الرابع : هل التداخل على القول به أمر يحصل قهرا فليس للمكلّف إلاّ الاكتفاء بالواحد حتّى أنّه لو أتى بالمتعدّد كان تشريعا محرّما ، أو هو موكول إلى اختيار المكلّف فله حينئذ أن يكتفي بالواحد وأن يأتي بالمتعدّد؟
وقد يعبّر عن ذلك بأنّ التداخل هل هو عزيمة أو رخصة ، فعلى الأوّل يجب عليه الاكتفاء وعلى الثاني يجوز له الاكتفاء ، فإنّ العزيمة عبارة عندهم عمّا يكون واجبا فعلا كان أو تركا والثاني عبارة عمّا يكون مرخّصا فيه ، وإلى ذلك ينظر مقالتهم في سقوط الأذان من أنّه هل هو عزيمة حتّى يكون الترك واجبا أو رخصة حتّى يجوز الإتيان به أيضا؟
ويظهر فائدة الفرق بينهما فيما نحن فيه في عدم توقّف كفاية الواحد عن المتعدّد على قصد التعدّد وتوقّفها عليه فيما يلزمه القصد والنيّة ، أو على عدم قصد عدم التداخل.
فعلى الأوّل يحصل الامتثال بالواحد وإن لم يقصد المتعدّد أو قصد عدمه بخلافه على الثاني.
فعن الخوانساري في بحث تداخل الأغسال من مشارقه : « أنّه لم نقف في كلام