لاقتضاء ظاهر اللفظ السببيّة الواقعيّة ، فأيّ ترجيح للظهور الأوّل على ذلك الظهور؟
قلنا : على هذا التقدير لو قلنا بالتداخل يلزم طرح ظاهرين ، لظهور اللفظ في السببيّة أوّلا ثمّ لو حملناه على المعرّفيّة كان ظاهرا في الاستقلال واقتضاء كلّ معرّف تأثيرا فعليّا بخلاف ما لو قلنا بعدم التداخل فلا يلزم طرح هذا الظاهر فكان أولى.
وإلى ما قرّرناه يرجع محصّل ما قرّره العلاّمة في مسألة سجود السهو من المختلف وتبعه بعض الأجلّة في فوائده على ما حكى عنهما ، واعتمد عليه بعض مشايخنا من الدليل على عدم التداخل.
وحاصله في فرض تعاقب السببين : أنّ الأوّل منهما لا ريب في تأثيره وايراثه وجود المسبّب بحكم ما دلّ على سببيّته من العموم أو الإطلاق بل بحكم الاتّفاق.
وأمّا الثاني منهما سواء كان مجانسا للأوّل أو غير مجانس إمّا أن يكون مؤثّرا في أثر أو لا يكون مؤثّرا أصلا.
وعلى الأوّل إمّا أن يكون الثابت به عين الثابت بالسبب الأوّل أو ما يؤكّده أو ما يغايره ، والجميع باطل سوى الأخير.
أمّا بطلان فرض عدم التأثير فلمخالفته الدليل الدالّ على السببيّة بالعموم أو الإطلاق.
وأمّا بطلان فرض تأثيره في عين ما أثّره الأوّل فلاستحالته من جهة استلزامه لثلاث محالات.
وأمّا بطلان كونه مؤكّدا للأوّل أو كالمؤكّد له فلأنّه أيضا خلاف ما دلّ على السببيّة ، فتعيّن الرابع وهو المطلوب.
وفي فرض اقتران السببين : فلأنّهما إمّا يؤثّران شيئا أو لا ، والثاني باطل كما مرّ.
وعلى الأوّل فإمّا أن يكون أثرهما شيئا واحدا أو شيئين ، والثاني مثبت للمطلوب ، والأوّل موجب لأحد المفاسد ضرورة أنّ التأثير إمّا مستند إلى أحدهما بالخصوص ، أو أحدهما الغير المعيّن ، أو إليهما معا ، والكلّ مخالف لما دلّ على سببيّة كلّ منهما ، فإنّه دلّ على سببيّة كلّ مستقلاّ فيلزم طرح أحدهما المعيّن لو قلنا بالأوّل ، وأحدهما لا على التعيين لو قلنا بالثاني ، وكليهما معا لو قلنا بالثالث.
مع ما في الأوّل من لزوم الترجيح بلا مرجّح ، وفي الثاني من استناد وجود المسبّب إلى أمر غير معيّن وهو محال ، لأنّ الشيء ما لم يتشخّص لم يوجد ومع عدم الوجود كيف